الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

                                                                      846 حدثنا محمد بن عيسى حدثنا عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش عن عبيد بن الحسن قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول سمع الله لمن حمده اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد قال أبو داود قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن هذا الحديث ليس فيه بعد الركوع قال سفيان لقينا الشيخ عبيدا أبا الحسن بعد فلم يقل فيه بعد الركوع قال أبو داود ورواه شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عبيد قال بعد الركوع [ ص: 61 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 61 ] ( عبيد بن الحسن ) هو أبو الحسن الكوفي عن ابن أبي أوفى ، وعنه شعبة والثوري وثقه ابن معين ( إذا رفع رأسه ) أي حين شرع في رفعه ( ملء السماوات ) بالنصب وهو الأكثر على أنه صفة مصدر محذوف وقيل على نزع الخافض أي بملء السماوات ، وبالرفع على أنه صفة الحمد ، والملء بالكسر اسم ما يأخذه الإناء إذا امتلأ وهو مجاز عن الكثرة . قال المظهر : هذا تمثيل وتقريب إذ الكلام لا يقدر بالمكاييل ولا تسعه الأوعية ، وإنما المراد منه تكثير العدد حتى لو قدر أن تلك الكلمات تكون أجساما تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما تملأ السماوات والأرضين ( وملء ما شئت من شيء بعد ) أي بعد ذلك أي ما بينهما أو غير ما ذكر كالعرش والكرسي وما تحت الثرى قال التوربشتي : هذا أي ملء ما شئت يشير إلى الاعتراف بالعجز عن أداء حق الحمد بعد استفراغ المجهود فإنه حمده ملء السماوات والأرض ، وهذا نهاية إقدام السابقين ثم ارتفع وترقى فأحال الأمر فيه على المشيئة إذ ليس وراء ذلك للحمد منتهى ، ولهذه الرتبة التي لم يبلغها أحد من خلق الله استحق عليه السلام أن يسمى أحمد كذا في المرقاة ( قال سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج عن عبيد أبي الحسن ) أي لم ينسباه إلى أبيه وذكرا كنيته . وأما عبد الله بن نمير وغيره فقالوا عبيد بن الحسن بذكر اسم أبيه وترك كنيته ( هذا الحديث ليس فيه بعد الركوع ) أي هذا الحديث الذي رواه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج ليس فيه ذكر كون الدعاء بعد الركوع بل ليس فيه ذكر المحل أصلا . ورواية شعبة عن عبيد عن [ ص: 62 ] عبد الله بن أوفى أخرجها مسلم ولفظه هكذا قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بهذا الدعاء اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ( فلم يقل فيه بعد الركوع ) أي فلم يقل الشيخ عبيد في الحديث كون الدعاء بعد الركوع .

                                                                      والحاصل أن الحديث رواه عبد الله بن نمير وأبو معاوية ووكيع ومحمد بن عبيد كلهم عن الأعمش عن عبيد بن الحسن فذكروا في رواياتهم محل الدعاء بعد الركوع بلفظ إذا رفع رأسه من الركوع يقول إلخ . ورواه سفيان وشعبة عن عبد الله بن أبي أوفى فلم يذكرا في روايتهما لفظ إذا رفع رأسه من الركوع ولا ما في معناه ( ورواه شعبة عن أبي عصمة إلخ ) فرواية شعبة من هذا الطريق موافقة لرواية عبد الله بن نمير وغيره . والحديث أخرجه مسلم وابن ماجه .




                                                                      الخدمات العلمية