الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي هذا باب يذكر فيه إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين

                                                                                                                                                                                  قارون اسم أعجمي، مثل هارون، غير منصرف للعلمية والعجمة، ولو كان وزنه فاعولا لانصرف.

                                                                                                                                                                                  قوله: من قوم موسى أي من عشيرته، وفي نسبه إلى موسى ثلاثة أقوال:

                                                                                                                                                                                  أحدها: أنه كان ابن عمه، قاله سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وبه قال ابن جريج، وعبد الله بن الحارث.

                                                                                                                                                                                  والثاني: ابن خالته، رواه عطاء عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                  والثالث: أنه عم موسى - صلى الله عليه وسلم - قاله ابن إسحاق.

                                                                                                                                                                                  وقيل: معنى كونه من قومه: أنه آمن به، وكان أقرأ بني إسرائيل للتوراة، ولكنه نافق كما نافق السامري، قال: إذا كانت النبوة لموسى والذبح والقربان لهارون فما لي؟ "فبغى عليه" قال ابن عباس: بغيه عليه هو قذفه موسى ببغية جعل لها جعلا، وقال الضحاك: بغيه عليه هو كفره بالله، وقال قتادة: هو كبره، وقال عطاء: هو أنه زاد في طول ثيابه شبرا.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وآتيناه من الكنوز " أي الأموال المدخرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " ما إن مفاتحه " كلمة "ما" موصولة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لتنوء " خبر إن، والمفاتح جمع مفتاح; أي مفاتح خزائنه لتنوء، أي: لتثقل بالعصبة وتميل بهم إذا حملوها، والعصبة الجماعة الكثيرة، وقيل: العصبة عشرة، وقيل: خمسة عشر، وقيل: أربعون، وقيل: من عشرة إلى أربعين.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لتنوء " اللام فيه للتأكيد، وتنوء فعل مضارع من ناء نوءا إذا نهض به مثقلا، وروي أن مفاتح خزائن قارون كانت وقر ستين بغلا غرا محجلة، لكل خزانة مفتاح، ولا يزيد المفتاح على إصبع، وكانت من جلود الإبل، ويقال: كانت من الحديد، فثقلت عليه، فجعلها من خشب، فثقلت عليه فجعلها من جلود البقر، وكانت خزائنه تحمل معه حيثما ذهب.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أولي القوة " صفة العصبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إذ قال له قومه " يعني حين قال له قومه وكلمة "إذ" منصوب بقوله: "لتنوء".

                                                                                                                                                                                  قوله: " لا تفرح " يعني لا تبطر إن الله لا يحب البطرين، وقيل: معناه لا تفسد إن الله لا يحب المفسدين، وقيل: إن الله لا يحب المرحين.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية