الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما ذكر خوفهم وعذرهم، أتبعه ما يوجب طمأنينتهم، وهو التوكل على الله الذي من راقبه تلاشى عنده كل عظيم، فقال: وقال موسى أي: لمن آمن به موطنا لهم على أن الجنة لا تنال إلا بمشقة عظيمة "يبتلى [ ص: 177 ] الناس على قدر إيمانهم" يا قوم فاستعطفهم بالتذكير بالقرب وهزهم إلى المعالي به فيهم من القوة ثم هيجهم وألهبهم على الثبات بقوله: إن كنتم أي: كونا هو في ثباته كالخلق الذي لا يزول آمنتم بالله وثبتهم بذكر الاسم الأعظم وما دل عليه من الصفات، وأجاب الشرط بقوله: فعليه أي: وحده لما علمتم من عظمته التي لا يداينها شيء سواه توكلوا وليظهر عليكم أثر التوكل من الطمأنينة والثبات والسكينة إن كنتم أي: كونا ثابتا مسلمين جامعين إلى تصديق القلب إذعان الجوارح; وجواب هذا الشرط ما دل عليه الماضي من قوله: فعليه توكلوا فقالوا أي: على الفور كما يقتضيه الفاء على الله أي الذي له العظمة كلها وحده توكلنا أي: فوضنا أمورنا كلها إليه ربنا أي: أيها الموجد لنا المحسن إلينا لا تجعلنا فتنة أي: موضع مخالطة بما يميل ويحيل للقوم الظالمين أي: لا تصبنا أنت بما يظنون به تهاونك بنا فيزدادوا نفرة عن دينك لظنهم أنا على الباطل ولا تسلطهم علينا مما يفتننا عن ديننا فيظنوا أنهم على الحق ونجنا برحمتك أي: إكرامك لنا من القوم أي الأقوياء الكافرين أي العريقين في تغطية الأدلة، وفي دعائهم هذا إشارة [إلى أن] أمر الدين أهم من أمر النفس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية