الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            14156 - وعن يعلى بن مرة قال : لقد رأيت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي : لقد خرجت معه في سفر ، حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ، فقالت : يا رسول الله ، هذا صبي أصابه بلاء ، وأصابنا منه بلاء يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة . قال : " ناولينيه " . فحملته إليه ، فحمله بينه وبين واسطة الرحل ، ثم فغر فاه ، ونفث فيه ثلاثا ، وقال : " بسم الله ، أنا عبد الله ، احبس عدو الله " . ثم ناولها إياه ، فقال : " القينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرينا ما فعل " . قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث ، فقال : " ما فعل صبيك ؟ " . فقالت : والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة ، فاجترر هذه الغنم . قال : " انزل فخذ منها واحدة ورد البقية " . قال : وخرجت ذات يوم إلى الجنان حتى إذا برزنا قال : " انظر ويحك هل ترى شيئا يواريني ؟ " . قلت : ما أرى شيئا يواريك إلا شجرة ما أراها تواريك . قال : " فما بقربها ؟ " . قلت : شجرة مثلها أو قريب منها . قال : " اذهب إليهما فقل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركما أن تجتمعا بإذن الله " . قال : فاجتمعتا فبرز لحاجته ، ثم رجع قال : " اذهب إليهما فقل : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركما أن ترجع كل واحدة منكما إلى مكانها " . فرجعت . قال : وكنت عنده جالسا ذات يوم إذ جاء جمل يخبب حتى ضرب بجرانه بين يديه ، ثم ذرفت عيناه ، فقال : " ويحك ! انظر لمن هذا الجمل ؟ إن له لشأنا " . فخرجت ألتمس صاحبه ، فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته إليه ، فقال : " ما شأن جملك هذا ؟ " . قال : وما شأنه ؟ قال : لا أدري والله ما شأنه ؟ عملنا عليه ، ونضحنا عليه ، حتى عجز عن السقاية ، فأتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه . قال : " لا تفعل هبه لي ، أو بعنيه " . قال : بل هو لك يا رسول الله . قال : [ ص: 6 ] فوسمه بميسم الصدقة ، ثم بعث به .

                                                                                            14157 - وفي رواية : عن يعلى قال : إني ما أظن أحدا رأى من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا دون ما رأيت ، فذكر نحوه إلا أنه قال لصاحب البعير : " ما لبعيرك يشكوك ; زعم أنك سنأته حتى كبر تريد أن تنحره " . قال : صدقت والذي بعثك بالحق قد أردت ذلك ، والذي بعثك بالحق لا أفعل .

                                                                                            14158 - وفي رواية : ثم سرنا ونزلنا منزلا ، فنام النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ، ثم رجعت إلى مكانها ، فلما استيقظ ذكرت له ، فقال : " هي شجرة استأذنت ربها - عز وجل - أن تسلم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأذن لها "
                                                                                            .

                                                                                            رواه أحمد بإسنادين ، والطبراني بنحوه ، وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح .

                                                                                            14159 - وقال الطبراني في إحدى رواياته : فمر عليه بعير ماد بجرانه يرغو ، فقال : " علي بصاحب هذا " . فجاء فقال : " هذا يقول نتجت عندهم ، فاستعملوني حتى إذا كبرت أرادوا أن ينحروني " .

                                                                                            وقال فيها : " ما من شيء إلا يعلم أني رسول الله ، إلا كفرة - أو فسقة - الجن والإنس "
                                                                                            .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية