الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                فتنازعوا أمرهم بينهم وأسروا النجوى قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى فأجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد أفلح اليوم من استعلى

                                                                                                                                                                                                عن ابن عباس : إن نجواهم : إن غلبنا موسى اتبعناه . وعن قتادة : إن كان ساحرا فسنغلبه ، وإن كان من السماء فله أمر ، وعن وهب لما قال : "ويلكم " . . . الآية ، قالوا : ما هذا بقول ساحر ، والظاهر أنهم تشاوروا في السر ، وتجاذبوا أهداب القول ، ثم قالوا : إن هذان لساحران ، فكانت نجواهم في تلفيق هذا الكلام وتزويره ؛ خوفا من غلبتهما ، وتثبيطا للناس عن اتباعهما ، قرأ أبو عمرو : "إن هذين لساحران " : على الجهة الظاهرة المكشوفة ، وابن كثير وحفص : "إن هذان لساحران " ، على قولك : إن زيد لمنطلق ، واللام [ ص: 92 ] هي الفارقة بين إن النافية والمخففة من الثقيلة ، وقرأ أبي : "إن ذان إلا ساحران " ، وقرأ ابن مسعود : "أن هذان ساحران " : بفتح أن وبغير لام ، بدل من النجوى ، وقيل في القراءة المشهورة : "إن هذان لساحران" هي لغة بلحارث بن كعب ، جعلوا الاسم المثنى نحو الأسماء التي آخرها ألف ، كعصا وسعدى ، فلم يقلبوها ياء في الجر والنصب ، وقال بعضهم : " أن" بمعنى : نعم ، و "ساحران " : خبر مبتدأ محذوف ، واللام داخلة على الجملة تقديره : لهما ساحران ، وقد أعجب به أبو إسحاق سموا مذهبهم الطريقة : "المثلى " ، والسنة : الفضلى ، وكل حزب بما لديهم فرحون ، وقيل : أرادوا أهل طريقتهم المثلى ، وهم : بنو إسرائيل ؛ لقول موسى : فأرسل معنا بني إسرائيل [طه : 47 ] ، وقيل : "الطريقة " : اسم لوجوه الناس وأشرافهم الذين هم قدوة لغيرهم ، يقال : هم طريقة قومهم ، ويقال للواحد أيضا - : هو طريقة قومه ، فأجمعوا كيدكم ، يعضده قوله : فجمع كيده وقرئ : "فأجمعوا كيدكم" أي : أزمعوه واجعلوه مجمعا عليه ، حتى لا تختلفوا ولا يخلف عنه واحد منكم ، كالمسألة المجمع عليها ، أمروا بأن يأتوا صفا ؛ لأنه أهيب في صدور الرائين ، وروي : أنهم كانوا سبعين ألفا مع كل واحد منهم حبل وعصا ، وقد أقبلوا إقبالة واحدة ، وعن أبي عبيدة أنه فسر الصف بالمصلى ؛ لأن الناس يجتمعون فيه لعيدهم وصلاتهم مصطفين ، ووجه صحته أن يقع علما لمصلى بعينه ، فأمروا بأن يأتوه ، أو يراد : ائتوا مصلى من المصليات ، وقد أفلح اليوم من استعلى : اعتراض ، يعني : وقد فاز من غلب .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية