الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين ) .

( ولوطا ) عطف على ( صالحا ) أي وأرسلنا لوطا ، أو على ( الذين آمنوا ) أي وأنجينا لوطا ، أو بـ " اذكر " مضمرة ، وإذ بدل منه ، أقوال . و ( أتأتون ) استفهام إنكار وتوبيخ ، وأبهم أولا في قوله : ( الفاحشة ) ثم عينها في قوله : ( أئنكم لتأتون الرجال ) . وقوله : ( وأنتم تبصرون ) أي تعلمون قبح هذا الفعل المنكر الذي أحدثتموه ، وأنه من أعظم الخطايا ، والعلم بقبح الشيء مع إتيانه أعظم في الذنب ، أو آثار العصاة قبلكم ، أو ينظر بعضكم إلى بعض لا يستتر ولا يتحاشى من إظهار ذلك مجانة وعدم اكتراث بالمعصية الشنعاء ، أقوال ثلاثة . وانتصب ( شهوة ) على أنه مفعول من أجله ، و ( تجهلون ) غلب فيه الخطاب ، كما غلب في ( بل أنتم قوم تفتنون ) . ومعنى : ( تجهلون ) أي عاقبة ما أنتم عليه ، أو تفعلون فعل السفهاء المجان ، أو فعل من جهل أنها معصية عظيمة مع العلم . أقوال . ولما أنكر عليهم ونسب إلى الجهل ، ولم تكن لهم حجة فيما يأتونه من الفاحشة ، عدلوا إلى المغالبة والإيذاء ، وتقدم معنى يتطهرون في الأعراف . وقرأ الجمهور : ( جواب ) بالنصب ؛ والحسن ، وابن أبي إسحاق : بالرفع ، والجمهور : ( قدرناها ) بتشديد الدال ؛ وأبو بكر بتخفيفها ، [ ص: 87 ] وباقي الآية تقدم تفسير نظيره في الأعراف . وساء : بمعنى بئس ، والمخصوص بالذم محذوف ، أي مطرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية