الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 119 ] ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم )

                                                                                                                                                                                                                                            وأما قوله : ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) ففيه سؤال :

                                                                                                                                                                                                                                            وهو أن يقال : قيل : فإن الله به عليم على جهة جواب الشرط مع أن الله تعالى يعلمه على كل حال .

                                                                                                                                                                                                                                            والجواب : من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن فيه معنى الجزاء ، تقديره : وما تنفقوا من شيء فإن الله به يجازيكم قل أم كثر ؛ لأنه عليم به لا يخفى عليه شيء منه ، فجعل كونه عالما بذلك الإنفاق كناية عن إعطاء الثواب ، والتعريض في مثل هذا الموضع يكون أبلغ من التصريح .

                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : أنه تعالى يعلم الوجه الذي لأجله يفعلونه ، ويعلم أن الداعي إليه أهو الإخلاص أم الرياء ، ويعلم أنكم تنفقون الأحب الأجود ، أم الأخس الأرذل .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن نظير هذه الآية قوله : ( وما تفعلوا من خير يعلمه الله ) [ البقرة : 197 ] ، وقوله : ( وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه ) [ البقرة : 270 ] ، قال صاحب " الكشاف " : " من " في قوله : ( من شيء ) لتبيين ما ينفقونه أي من شيء كان طيبا تحبونه أو خبيثا تكرهونه فإن الله به عليم يجازيكم على قدره .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية