الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : قوله تعالى : { إنا ذهبنا نستبق }

                                                                                                                                                                                                              اعلموا وفقكم الله أن المسابقة شرعة في الشريعة ، وخصلة بديعة ، وعون على الحرب ، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه وبخيله ; فروي { أنه سابق عائشة فسبقها ، فلما كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقها فسبقته ، فقال لها : هذه بتلك } .

                                                                                                                                                                                                              وروي { أنه سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء ، وكان أمدها ثنية الوداع ، وسابق الخيل التي لا تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق ، وأن عبد الله بن عمر كان ممن سابق بها } .

                                                                                                                                                                                                              وقد روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين العضباء وغيرها ، فسبقت العضباء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : حق على الله ألا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه } .

                                                                                                                                                                                                              وفي ذلك في الفوائد رياضة النفس والدواب ، وتدريب الأعضاء على التصرف ، ولا مسابقة إلا بين الخيل والإبل خاصة [ ص: 40 ]

                                                                                                                                                                                                              المسألة الثالثة :

                                                                                                                                                                                                              يجوز الاستباق من غير سبق يجعل ، ويجوز بسبق ، فإن أخرج أحد المتسابقين سبقا على أن يأخذه الآخر إن سبق ، وإن سبق هو أخذه الذي يليه ، فإنه جائز عند أكثر العلماء . وقال مالك . وروى ابن مزيد عن مالك أن يأخذه من حضر ، فذلك أيضا جائز ، وإن كان على أن يأخذه الخارج إن سبق ففيه ثلاث روايات : كرهه مالك ، وقال ابن القاسم : لا خير فيه ، وجوزه ابن وهب ، وبه أقول ; لأنه لا غرر فيه ، ولا دليل يحرمه .

                                                                                                                                                                                                              قال علماؤنا : وهذا إن كان بينهما محلل ، على أنه إن سبق أخذ منهما أو من أحدهما ، وإن سبق لم يكن عليه شيء جاز ، جوزه ابن المسيب ومالك في أحد قوليه ومنعه في الآخر ، ولا يشترط فيه معرفة أحد بحال فرس صاحبه ، بل يجوز على الجهالة ولهما حكم القدر ، ومسائل السباق في الفروع مستوفاة .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية