الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وجعلوا له من عباده جزءا إن الإنسان لكفور مبين أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا أشهدوا خلقهم ستكتب شهادتهم ويسألون وقالوا لو شاء الرحمن [ ص: 219 ] ما عبدناهم ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وجعلوا له من عباده جزءا فيه أربعة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: عدلا أي مثلا، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: من الملائكة ولدا، قاله مجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: نصيبا، قاله قطرب.

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع: أنه البنات، والجزء عند أهل العربية البنات. يقال قد أجزأت المرأة إذا ولدت البنات. قال الشاعر

                                                                                                                                                                                                                                        إن أجزأت مرة قوما فلا عجب قد تجزئ الحرة المذكار أحيانا

                                                                                                                                                                                                                                        إن الإنسان لكفور قال الحسن : يعد المصائب وينسى النعم.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا أي بما جعل للرحمن البنات ولنفسه البنين. ظل وجهه مسودا يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: ببطلان مثله الذي ضربه.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بما بشر به من الأنثى. وهو كظيم فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: حزين ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: مكروب ، قاله عكرمة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: ساكت ، حكاه ابن أبي حاتم. وذلك لفساد مثله وبطلان حجته. قوله عز وجل: أومن ينشأ في الحلية النشوء التربية ، والحلية الزينة. وفي المراد بها ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: الجواري ، قاله ابن عباس ومجاهد .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: البنات. قاله ابن قتيبة. [ ص: 220 ] الثالث: الأصنام ، قاله ابن زيد.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي الخصام وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: في الحجة.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: في الجدل. غير مبين فيه ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدها: أنه عني قلة البلاغة ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ضعف الحجة ، قال قتادة : ما حاجت امرأة إلا أوشكت أن تتكلم بغير حجتها.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: السكوت عن الجواب ، قاله الضحاك وابن زيد ومن زعم أنها الأصنام.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا

                                                                                                                                                                                                                                        في قوله عباد الرحمن وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنه سماهم عباده على وجه التكريم كما قال وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا الثاني: أنه جمع عابد.

                                                                                                                                                                                                                                        وفي قوله إناثا وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أي بنات الرحمن.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ناقصون نقص البنات. أشهدوا خلقهم يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: مشاهدتهم وقت خلقهم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: مشاهدتهم بعد خلقهم حتى علموا أنهم إناث. ستكتب شهادتهم ويسألون أي ستكتب شهادتهم إن شهدوا ويسألون عنها إذا بعثوا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية