الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ثم بين تعالى ما ينال المشركين يوم الحشر من التوبيخ والخزي بقوله سبحانه:

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 3343 ] القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [ 28 ] ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون

                                                                                                                                                                                                                                      ويوم نحشرهم جميعا يعني المشركين ومعبوداتهم للمقاولة بينهم ثم نقول للذين أشركوا أي معبوديهم بالله، مع توقعهم الشفاعة منهم مكانكم أنتم وشركاؤكم أي الزموا مكانكم، لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم. قال القاشاني: معناه قفوا مع ما وقفوا معه في الموقف من قطع الوصل والأسباب التي هي سبب محبتهم وعبادتهم، وتبرؤ المعبود من العابد لانقطاع الأغراض الطبيعية التي توجب تلك الوصل.

                                                                                                                                                                                                                                      ومعنى قوله فزيلنا بينهم أي مع كونهم في الموقف معا، فرقنا بينهم، وقطعنا الوصل التي بينهم، فلا يبقى من العابدين توقع شفاعة، ولا من المعبودين إفادتها، لو أمكنتهم وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون إذ لم تكن عبادتكم عن أمرنا، بل عن أمر الشيطان، فكنتم عابديه بالحقيقة، بطاعتكم إياه، وعابدي ما اخترعتموه في أوهامكم من أباطيل فاسدة، وأماني كاذبة.

                                                                                                                                                                                                                                      قيل: القول مجاز عن تبرئهم من عبادتهم، وأنهم عبدوا أهواءهم وشياطينهم ; لأنها الآمرة لهم دونهم ; لأن الأوثان جمادات وهي لا تنطق. وقيل: ينطقها الله الذي أنطق كل شيء ، فتشافههم بذلك، مكان الشفاعة التي كانوا يتوقعونها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية