الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1404 - مسألة : فمن أكره على شرب الخمر ، أو أكل الخنزير ، أو الميتة ، أو الدم ، أو بعض المحرمات ، أو أكل مال مسلم ، أو ذمي - : فمباح له أن يأكل ، ويشرب ، ولا شيء عليه لأحد ، ولا ضمان ، لقول الله عز وجل : { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } . وقوله تعالى : { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } . ولقوله تعالى : { فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم } .

                                                                                                                                                                                          فإن كان المكره على أكل مال مسلم له مال حاضر فعليه قيمة ما أكل ; لأن هكذا هو حكم المضطر ، فإن لم يكن له مال حاضر فلا شيء عليه فيما أكل لما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فهلا أبحتم قتل النفس للمكره ، والزنى ، والجراح ، والضرب ، وإفساد المال بهذا الاستدلال ؟ قلنا : لأن النص لم يبح له قط أن يدفع عن نفسه ظلما بظلم غيره ممن لم يتعد عليه ، وإنما الواجب عليه دفع الظالم أو قتاله لقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم { من رأى منكم منكرا فليغيره بيده إن استطاع فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ، ليس وراء ذلك من الإيمان شيء } .

                                                                                                                                                                                          فصح أنه لم يبح له قط العون على الظلم - لا لضرورة ولا لغيرها - وإنما فسح له - إن عجز - في أن لا يغيره بيده ولا بلسانه ، وبقي عليه التغيير بقلبه ولا بد ، والصبر لقضاء الله تعالى فقط ، وأبيح له في المخمصة بنص القرآن - : الأكل ، والشرب ، وعند الضرورة وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية