قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28993_18982واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به ، أمر في هذه الآية الكريمة باجتناب قول الزور ، وهو الكذب والباطل كقولهم : إن الله حرم البحيرة والسائبة ، ونحو ذلك ، وكادعائهم له الأولاد والشركاء ، وكل قول مائل عن الحق فهو زور ، لأن أصل المادة التي هي الزور من الازورار بمعنى الميل ، والاعوجاج ، كما أوضحناه في الكلام على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=17تزاور عن كهفهم الآية [ 18 \ 17 ] .
واعلم أنا قد قدمنا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن من أنواع البيان التي تضمنها ، أن يذكر لفظ عام ، ثم يصرح في بعض المواضع بدخول بعض أفراد ذلك العام فيه ، وتقدمت لذلك أمثلة ، وسيأتي بعض أمثلته في الآيات القريبة من سورة الحج هذه .
وإذا علمت ذلك فاعلم أنه هنا قال : واجتنبوا قول الزور بصيغة عامة ، ثم بين في بعض المواضع بعض أفراد قول الزور المنهي عنه كقوله تعالى في الكفار الذين كذبوه - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلما وزورا [ 25 \ 4 ] فصرح بأن قولهم هذا من الظلم والزور ، وقال في الذين يظاهرون من نسائهم ، ويقول الواحد منهم لامرأته : أنت علي كظهر أمي
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا [ 58 \ 2 ] فصرح بأن قولهم ذلك ، منكر وزور ، وقد ثبت في الصحيح من حديث
أبي بكرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009130ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين " وكان متكئا فجلس [ ص: 256 ] فقال : " ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " اهـ وقد جمع تعالى هنا بين قول الزور والإشراك به تعالى في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30واجتنبوا قول الزور nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31حنفاء لله غير مشركين به [ 22 - 31 ] وكما أنه جمع بينهما هنا ، فقد جمع بينهما أيضا في غير هذا الموضع كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [ 7 \ 33 ] لأن قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون هو قول الزور ، وقد أتى مقرونا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وذلك يدل على عظمة قول الزور ; لأن الإشراك بالله قد يدخل في قول الزور ، كادعائهم الشركاء ، والأولاد لله ، وكتكذيبه - صلى الله عليه وسلم - فكل ذلك الزور فيه أعظم الكفر والإشراك بالله ، نعوذ بالله من كل سوء .
ومعنى حنفاء : قد قدمناه مرارا مع بعض الشواهد العربية ، فأغنى عن إعادته هنا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30nindex.php?page=treesubj&link=28993_18982وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ ، أَمَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ بِاجْتِنَابِ قَوْلِ الزُّورِ ، وَهُوَ الْكَذِبُ وَالْبَاطِلُ كَقَوْلِهِمْ : إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْبَحِيرَةَ وَالسَّائِبَةَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ، وَكَادِّعَائِهِمْ لَهُ الْأَوْلَادَ وَالشُّرَكَاءَ ، وَكُلُّ قَوْلٍ مَائِلٍ عَنِ الْحَقِّ فَهُوَ زُورٌ ، لِأَنَّ أَصْلَ الْمَادَّةِ الَّتِي هِيَ الزُّورُ مِنَ الِازْوِرَارِ بِمَعْنَى الْمَيْلِ ، وَالِاعْوِجَاجِ ، كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=17تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ الْآيَةَ [ 18 \ 17 ] .
وَاعْلَمْ أَنَّا قَدْ قَدَّمْنَا فِي تَرْجَمَةِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ أَنَّ مِنْ أَنْوَاعِ الْبَيَانِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا ، أَنْ يُذْكَرَ لَفْظٌ عَامٌّ ، ثُمَّ يُصَرَّحُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بِدُخُولِ بَعْضِ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعَامِّ فِيهِ ، وَتَقَدَّمَتْ لِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ ، وَسَيَأْتِي بَعْضُ أَمْثِلَتِهِ فِي الْآيَاتِ الْقَرِيبَةِ مِنْ سُورَةِ الْحَجِّ هَذِهِ .
وَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَاعْلَمْ أَنَّهُ هُنَا قَالَ : وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ بِصِيغَةٍ عَامَّةٍ ، ثُمَّ بَيَّنَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ بَعْضَ أَفْرَادِ قَوْلِ الزُّورِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَذَّبُوهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=4وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا [ 25 \ 4 ] فَصَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ هَذَا مِنَ الظُّلْمِ وَالزُّورِ ، وَقَالَ فِي الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ، وَيَقُولُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=2وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا [ 58 \ 2 ] فَصَرَّحَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ ذَلِكَ ، مُنْكَرٌ وَزُورٌ ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي بَكْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009130أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ؟ قُلْنَا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ " وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ [ ص: 256 ] فَقَالَ : " أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ " اهـ وَقَدْ جَمَعَ تَعَالَى هُنَا بَيْنَ قَوْلِ الزُّورِ وَالْإِشْرَاكِ بِهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=30وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=31حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [ 22 - 31 ] وَكَمَا أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا هُنَا ، فَقَدْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ [ 7 \ 33 ] لِأَنَّ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ هُوَ قَوْلُ الزُّورِ ، وَقَدْ أَتَى مَقْرُونًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عَظَمَةِ قَوْلِ الزُّورِ ; لِأَنَّ الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ قَدْ يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الزُّورِ ، كَادِّعَائِهِمُ الشُّرَكَاءَ ، وَالْأَوْلَادَ لِلَّهِ ، وَكَتَكْذِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُلُّ ذَلِكَ الزُّورُ فِيهِ أَعْظَمُ الْكُفْرِ وَالْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ كُلِّ سُوءٍ .
وَمَعْنَى حُنَفَاءَ : قَدْ قَدَّمْنَاهُ مِرَارًا مَعَ بَعْضِ الشَّوَاهِدِ الْعَرَبِيَّةِ ، فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هُنَا .