الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
( 1814 ) فصل : الثالث ، أن nindex.php?page=treesubj&link=3079_26517_3082_3081الزكاة لا تسقط بتلف المال ، فرط أو لم يفرط . هذا المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وحكى عنه nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني أنه إذا تلف النصاب قبل التمكن من الأداء ، سقطت الزكاة عنه ، وإن تلف بعده ، لم تسقط . وحكاه nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر مذهبا nindex.php?page=showalam&ids=12251لأحمد . وهو قول nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ، وإسحاق nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر . وبه قال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، إلا في الماشية ، فإنه قال : لا شيء فيها حتى يجيء المصدق ، فإن هلكت قبل مجيئه فلا شيء عليه .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : [ ص: 289 ] تسقط الزكاة بتلف النصاب على كل حال إلا أن يكون الإمام قد طالبه بها فمنعها ; لأنه تلف قبل محل الاستحقاق ، فسقطت الزكاة ، كما لو تلفت الثمرة قبل الجذاذ ، ولأنه حق يتعلق بالعين ، فسقط بتلفها ، كأرش الجناية في العبد الجاني . ومن اشترط التمكن قال : هذه عبادة يتعلق وجوبها بالمال ، فيسقط فرضها بتلفه قبل إمكان أدائها ، كالحج .
ومن نصر الأول قال : مال وجب في الذمة ، فلم يسقط بتلف النصاب ، كالدين ، أو لم يشترط في ضمانه إمكان الأداء ، كثمن المبيع ، والثمرة لا تجب زكاتها في الذمة حتى تحرز ; لأنها في حكم غير المقبوض ، ولهذا لو تلفت بجائحة كانت في ضمان البائع ، على ما دل عليه الخبر . وإذا قلنا بوجوب الزكاة في العين ، فليس هو بمعنى استحقاق جزء منه ، ولهذا لا يمنع التصرف فيه ، والحج لا يجب حتى يتمكن من الأداء ، فإذا وجب لم يسقط بتلف المال ، بخلاف الزكاة ، فإن التمكن ليس بشرط لوجوبها ، على ما قدمناه .
والصحيح ، إن شاء الله ، أن الزكاة تسقط بتلف المال ، إذا لم يفرط في الأداء ; لأنها تجب على سبيل المواساة ، فلا تجب على وجه يجب أداؤها مع عدم المال وفقر من تجب عليه ، ومعنى التفريط ، أن يتمكن من إخراجها فلا يخرجها ، وإن لم يتمكن من إخراجها ، فليس بمفرط ، سواء كان ذلك لعدم المستحق ، أو لبعد المال عنه ، أو لكون الفرض لا يوجد في المال ، ويحتاج إلى شرائه ، فلم يجد ما يشتريه ، أو كان في طلب الشراء ، أو نحو ذلك . وإن قلنا بوجوبها بعد تلف المال ، فأمكن المالك أداؤها أداها ، وإلا أنظر بها إلى ميسرته ، وتمكنه من أدائها من غير مضرة عليه ; لأنه إذا لزم إنظاره بدين الآدمي المتعين فبالزكاة التي هي حق الله تعالى أولى .