الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 90 ] هشام بن عروة بن الزبير بن العوام .

أبو المنذر وكان أحد الحفاظ الثقات العدول ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل ، حدثنا محمد بن الحسن الأنصاري ، حدثنا الزبير بن أبي بكر القاضي ، أخبرني عيسى بن سعيد بن زاذان عن المنذر بن عبد الله قال : رويت الشعر ثلاث عشر سنة قبل أن أروي الحديث ، فلقي أبي هشام بن عروة فقال له : إن ابنك يروي الشعر ؟ قال : نعم قال : فأرسله إلي ، فقال لي أبي : اغد إلى هشام بن عروة فإنه قد استزارك وهو بالعقيق ، فأخذت حمارا وذهبت إليه فسلمت وجلست ، فقال : بلغني أنك تروي الشعر ، فلأي العرب أنت أروى ؟ قلت : لبني سليم ، قال : فتروي لفلان كذا ولفلان كذا ، فجعل ينشدني لشعراء من بني سليم لم أكن سمعت بهم ، ثم قال لي : يا ابن أخي ، اطلب الحديث . فمن ذلك اليوم رويت الحديث .

قال الزبير : وحدثني مصعب بن عثمان عن المنذر بن عبد الله قال : ما سمعت من هشام بن عروة رفثا قط إلا يوما واحدا ، فإن رجلا من أهل البصرة كان يلزمه ، فقال له : يا أبا المنذر ، نافع مولى ابن عمر كان يفضل أباك على أخيه عبد الله ، فقال : كذب والله نافع ، وما يدري نافع عاض بظر أمه ! عبد الله والله خير وأفضل من عروة .

[ ص: 91 ] حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : سمعت مصعب بن عبد الله يقول : هشام بن عروة أبو المنذر ، قال : وأمه أم ولد خراسانية اسمها صافية قال أحمد بن زهير : وسمعت يحيى بن معين يقول : عمر بن عبد العزيز ، وهشام بن عروة والأعمش ولدوا في سنة إحدى وستين قال : ورأيت في كتاب علي بن المديني سمعت يحيى بن سعيد يقول : كان هشام بن عروة يخضب بالحمرة قال يحيى : ومات هشام بن عروة بعد الهزيمة ، يعني هزيمة إبراهيم ، كأنه يريد السنة التي بعدها ، وكانت الهزيمة سنة خمس وأربعين ومائة . قال : وسمعت يحيى بن معين يقول : مات هشام بن عروة سنة ست وأربعين ومائة .

وقال المدائني : توفي هشام بن عروة سنة سبع وأربعين ومائة بعد خروج إبراهيم ، وكان محمد وعده أن يوليه المدينة .

وقال الطبري كان هشام بن عروة من ساكني المدينة وقدم بغداد في آخر عمره فمات بها في سنة ست وأربعين ومائة بعد أن هزم إبراهيم بن عبد الله ، فدفن في مقبرة الخيزران ، وقيل : مات بالكوفة سنة ثمان وأربعين ومائة ، وقيل : توفي هشام بن عروة سنة ست أو خمس وأربعين ومائة وهو ابن ست وتسعين سنة وولد سنة خمسين ، كل هذا قد قيل في مولده ووفاته رحمه الله .

وقال يحيى بن معين : قال هشام بن عروة : رأيت ابن سهل بن سعد وابن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك . قال هشام : ومسح ابن عمر على رأسي ودعا لي وقبلني ، قال : ورأيت عبد الله بن عمر وله جمة ، أو قال : وفرة .

وذكر الزبير قال : أخبرني عثمان بن عبد الرحمن قال : قال أمير المؤمنين المنصور لهشام بن عروة حين دخل عليه هشام : يا أبا المنذر ، تذكر يوم دخلت عليك أنا وإخوتي مع أبي الخلائف وأنت تشرب سويقا بقعبة يراع ، فلما خرجنا من عندك قال لنا أبونا : اعرفوا لهذا الشيخ حقه ، فإنه لا [ ص: 92 ] يزال في قومكم بقية ما بقي ، فقال هشام : لا أذكر يا أمير المؤمنين ، فلما خرج قيل له : يذكرك أمير المؤمنين ما تمت به إليه فتقول لا أذكره ، فقال : لم أكن أذكر ولم يعودني الله في الصدق إلا خيرا .

قال : وحدثني عمي مصعب بن عبد الله عن جدي عبد الله بن مصعب عن هشام بن عروة قال : وضع عندي محمد بن علي بن عبد الله بن العباس وصيته ، قال الزبير : توفي هشام بن عروة بمدينة السلام عند أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور في صحابته سنة ست وأربعين ، وصلى عليه المنصور وكبر عليه أربعا وكبر على مولى خمسا ، وذلك في وقت واحد .

لمالك عن هشام بن عروة من مرفوعات الموطأ ستة وخمسون حديثا ، منها ستة وثلاثون مسندة متصلة ، وسائرها مراسيل تستند من وجوه صحاح أحاديث عروة عن عائشة .

التالي السابق


الخدمات العلمية