الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما شرائط ركن الإيلاء فنوعان : نوع هو شرط صحته في حق حكم الحنث ، ونوع هو شرط صحته في حق حكم البر ، وهو الطلاق ; أما الأول فموضع بيانه كتاب الأيمان ; لأن الإيلاء يساوي سائر الأيمان في حق أحد الحكمين ، وهو حكم الحنث ، وإنما يخالفها في حق الحكم الآخر ، وهو حكم البر ; ولأنه لا حكم لسائر الأيمان عند تحقق البر فيها وللإيلاء عند تحقق البر حكم ، وهو وقوع الطلاق ; إذ هو تعليق الطلاق البائن شرعا بشرط البر كأنه قال : إذا مضت أربعة أشهر ولم أقربك فيها فأنت طالق بائن ، فنذكر الشرائط المختصة به في حق هذا الحكم ، وهو الطلاق فنقول : لركن [ ص: 171 ] الإيلاء في حق هذا الحكم شرائط بعضها يعم كل يمين بالطلاق ، وبعضها يخص الإيلاء .

                                                                                                                                أما الذي يعم فما ذكرنا من الشرائط فيما تقدم من العقل والبلوغ وقيام ملك النكاح والإضافة إلى الملك حتى لا يصلح إيلاء الصبي والمجنون ; لأنهما ليسا من أهل الطلاق .

                                                                                                                                وكذا لو آلى من أمته أو مدبرته أو أم ولده لم يصح إيلاؤه في حق هذا الحكم ; لأن الله تعالى خص الإيلاء بالزوجات بقوله - عز وجل - { للذين يؤلون من نسائهم } والزوجة اسم للمملوكة بملك النكاح ، وشرع الإيلاء في حق هذا الحكم ثبت بخلاف القياس بهذه الآية الشريفة ، وأنها ، وردت في الأزواج فتختص بهم ، ; ولأن اعتبار الإيلاء في حق هذا الحكم لدفع الظلم عنها من قبل الزوج لمنعه حقها في الجماع منعا مؤكدا باليمين ولا حق للأمة قبل مولاها في الجماع فلم يتحقق الظلم ، فلا تقع الحاجة إلى الدفع لوقوع الطلاق ; ولأن الفرقة الحاصلة بمضي المدة من غير فيء فرقة بطلاق ولا طلاق بدون النكاح ، ولو آلى منها وهي مطلقة فإن كان الطلاق رجعيا فهو مول لقيام الملك من كل وجه ، ولهذا صح طلاقه ، وظهاره ، ويتوارثان ، وإن كان بائنا أو ثلاثا لم يكن موليا لزوال الملك والمحل بالإبانة والثلاث والإيلاء لا ينعقد في غير الملك ابتداء ، وإن كان يبقى بدون الملك على ما نذكره إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                وعلى هذا يخرج ما إذا قال لأجنبية : والله لا أقربك ثم تزوجها أنه لا يصير موليا في حق حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر فصاعدا بعد التزوج ولم يفئ إليها لا يقع عليها شيء لانعدام الملك والإضافة إلى الملك ولو قربها بعد التزوج أو قبله تلزمه الكفارة لانعقاد اليمين في حق الحنث ولو قال لها : إن تزوجتك فوالله لا أقربك فتزوجها صار موليا عندنا لوجود الملك عند التزوج واليمين بالطلاق يصح في الملك أو مضافا إلى الملك ، وههنا وجدت الإضافة إلى الملك فيصير موليا بخلاف الفصل الأول وكذا جميع ما ذكرنا من شرائط صحة التطليق فهو من شرط صحة الإيلاء في حق الطلاق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية