الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم )

قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : "فآمنوا بالله ورسله" ، فصدقوا ، يا أهل الكتاب ، بوحدانية الله وربوبيته ، وأنه لا ولد له ، وصدقوا رسله فيما جاءوكم به من عند الله ، وفيما أخبرتكم به أن الله واحد لا شريك له ، ولا صاحبة له ، لا ولد له "ولا تقولوا ثلاثة" ، يعني : ولا تقولوا : الأرباب ثلاثة .

[ ص: 423 ]

ورفعت"الثلاثة" ، بمحذوف دل عليه الظاهر ، وهو"هم" . ومعنى الكلام : ولا تقولوا هم ثلاثة . وإنما جاز ذلك ، لأن"القول" حكاية ، والعرب تفعل ذلك في الحكاية ، ومنه قول الله : ( سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ) ، [ سورة الكهف : 22 ] . وكذلك كل ما ورد من مرفوع بعد"القول" لا رافع معه ، ففيه إضمار اسم رافع لذلك الاسم .

ثم قال لهم جل ثناؤه : متوعدا لهم في قولهم العظيم الذي قالوه في الله : "انتهوا" ، أيها القائلون : الله ثالث ثلاثة ، عما تقولون من الزور والشرك بالله ، فإن الانتهاء عن ذلك خير لكم من قيله ، لما لكم عند الله من العقاب العاجل لكم على قيلكم ذلك ، إن أقمتم عليه ، ولم تنيبوا إلى الحق الذي أمرتكم بالإنابة إليه والآجل في معادكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية