الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2259 باب في الإفاضة من عرفة ، والصلاة بالمزدلفة

                                                                                                                              وقال النووي: (باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة. واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة ، في هذه الليلة) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 32-33 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن كريب أنه سأل أسامة بن زيد كيف صنعتم حين ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة؟ فقال: جئنا الشعب، الذي ينيخ الناس فيه للمغرب، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وبال. (وما قال: أهراق الماء) ثم دعا بالوضوء فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ فقلت: يا رسول الله! الصلاة. فقال: الصلاة أمامك فركب حتى جئنا المزدلفة فأقام المغرب ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا قلت فكيف فعلتم حين [ ص: 511 ] أصبحتم؟ قال: ردفه الفضل بن عباس، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن كريب: أنه سأل أسامة بن زيد) رضي الله عنهم ; (كيف صنعتم حين ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ؟ فقال: جئنا الشعب ، الذي ينيخ الناس فيه للمغرب ، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وبال. " وما قال أهراق الماء ") بفتح الهاء.

                                                                                                                              فيه: أداء الرواية بحروفها.

                                                                                                                              وفيه: استعمال صرائح الألفاظ ، التي قد تستبشع ولا يكنى عنها ، إذا دعت الحاجة إلى التصريح: بأن خيف لبس المعنى ، أو اشتباه الألفاظ ، أو غير ذلك.

                                                                                                                              (ثم دعا بالوضوء ، فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ. فقلت: يا رسول الله ! الصلاة. فقال: "الصلاة أمامك" ،. فركب حتى جئنا المزدلفة ، فأقام المغرب. ثم أناخ الناس في منازلهم. ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة ، فصلى. ثم حلوا) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى: (قال: ثم أقيمت الصلاة ، في المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء فصلاها ، ولم يصل بينهما شيئا) .

                                                                                                                              [ ص: 512 ] وفي أخرى: (أنه صلاهما بإقامة واحدة) .

                                                                                                                              وقد سبق "في شرح حديث جابر الطويل"، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم :

                                                                                                                              أنه أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.

                                                                                                                              قال النووي: وهذه الرواية ، مقدمة على هذه الروايات ، لأن مع جابر زيادة علم. وزيادة الثقة مقبولة. ولأن جابرا اعتنى بالحديث ، ونقل حجة النبي صلى الله عليه وسلم مستقصاة ، فهو أولى بالاعتماد.

                                                                                                                              قال: وهذا هو الصحيح من مذهبنا: أنه يستحب الأذان للأولى منهما ، ويقيم لكل واحدة إقامة. فيصليهما بأذان وإقامتين.

                                                                                                                              ويتأول حديث (إقامة واحدة) : أن كل صلاة لها إقامة. ولا بد من هذا ، ليجمع بينه وبين الرواية الأولى ، ورواية جابر. انتهى.

                                                                                                                              وفي الحديث: دليل على استحباب المبادرة ، بصلاتي المغرب والعشاء ، أول قدومه المزدلفة.

                                                                                                                              قال النووي: [ ويجوز تأخيرهما ] إلى قبيل طلوع الفجر.

                                                                                                                              وفيه: أنه لا يضر الفصل بين الصلاتين المجموعتين ، إذا كان الجمع في وقت الثانية ، لقوله: "ثم أناخ الناس في منازلهم".

                                                                                                                              وأما إذا جمع بينهما في وقت الأولى ، فلا يجوز الفصل بينهما. فإن فصل: بطل الجمع ، ولم تصح الصلاة الثانية إلا في وقتها الأصلي. انتهى. [ ص: 513 ] والجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء ، في هذه الليلة في المزدلفة:

                                                                                                                              مجمع عليه. لكن اختلفوا في (حكمه) ;

                                                                                                                              فمذهب الشافعية: أنه على الاستحباب. فلو صلاها في وقت المغرب ، أو في الطريق ، أو كل واحدة في وقتها: جاز وفاتته الفضيلة.

                                                                                                                              قال في (السيل الجرار) : إن الأدلة ، قد دلت على: وجوب المبيت بمزدلفة ، وعلى جمع العشاءين بها ، وعلى صلاة الفجر فيها ، وعلى الدفع منها قبل شروق الشمس. فهذه واجبات من واجبات الحج ، وفرائض من فرائضه.

                                                                                                                              (قلت: فكيف فعلتم حين أصبحتم ؟ قال: ردفه الفضل بن عباس ، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي) . أي: ماشيا على قدمي غير راكب.




                                                                                                                              الخدمات العلمية