الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

( 566 ) وينقط المهمل لا الحا أسفلا أو كتب ذاك الحرف تحت مثلا      ( 567 ) أو فوقه قلامة أقوال
والبعض نقط السين صفا قالوا      ( 568 ) وبعضهم يخط فوق المهمل
وبعضهم كالهمز تحت يجعل

[ كيفية ضبط الحروف المهملة ] :

( وينقط ) الحرف ( المهمل ) كالدال والراء والصاد والطاء والعين ونحوها ، ( لا الحا ) بالقصر ، بما فوق الحرف المعجم المشاكل له ( أسفلا ) أي : أسفل الحرف المهمل ، ولم يصرح ابن الصلاح تبعا لعياض باستثناء الحاء اكتفاء بالعلة في القلب ، وهي تحصيل التمييز ، فمتى كان موقعا في الالتباس لم يحصل الغرض .

والحاء إذا جعلت نقطة الخاء المعجمة تحتها التبست بالجيم ، وحينئذ فترك العلامة لهذا الحرف علامة ، ويشير إلى هذا قول الزركشي : خرج بقوله : " فوق " ما إذا كان النقط تحت فلا يستحب ، وذلك كالحاء ، فإنه لو نقطت من تحتها لالتبست بالجيم . وقال البلقيني : إنما ترك الحاء لوضوحها .

وليس هذا الاصطلاح بالمتفق عليه بينهم ، ولذا قال عياض : وسبيل الناس في ضبطها مختلف . يعني : فمنهم من يسلك هذا ، أو كما لبعض [ ص: 57 ] أهل المشرق والأندلس مما قاله عياض أيضا ( كتب ) أي : يكتب نظير ( ذاك الحرف ) المهمل المتصل أو المنفصل ( تحت ) ; أي : تحته ( مثلا ) بفتحتين ; أي : على صفته ، سواء كان شبيها له في الاتصال والانفصال وفي القدر أو لا ، غير أن كونه أصغر منه ومجردا أنسب .

ولذا قال ابن الصلاح : يكتب تحت الحاء المهملة حاء مفردة صغيرة ، وكذا يكتب تحت كل من الدال والصاد والطاء والسين والعين صفتها صغيرة .

( أو ) يجعل ( فوقه ) ; أي : المهمل ( قلامة ) كقلامة الظفر مضجعة على قفاها لتكون فرجتها إلى فوق ، ولأجل ذلك فقط مثلت بالقلامة ; إذ المشاهد في خط كثيرين لا يشابهها من كل وجه ، بل هي منجمعة لا هكذا من أسفلها .

( أقوال ) ثلاثة وأولها يقتضي أن يكون النقط من أسفل كهيئته من فوق بحيث يكون ما تحت السين المهملة كالأثافي ، وهي بالمثلثة وتشديد التحتانية وقد تخفف - ما يوضع عليه القدر من حديد وحجارة وغيرهما في سفر وغيره ، لكن الأنسب والأبعد عن اللبس قلبها ، فتكون النقطتان المحاذيتان للمعجمة من فوق محاذيتين للمهملة من أسفل .

و ( البعض ) ممن اصطلح على النقط ( نقط السين صفا ) واحدا يصف تحتها ( قالوا ) أي : قالوه لئلا تزدحم النقطة أو النقطتان مع ما يحاذيها من السطر الذي يليها فيظلم ، بل ربما يحصل به لبس ( وبعضهم [ ص: 58 ] يخط فوق ) الحرف ( المهمل ) خطا صغيرا .

قال ابن الصلاح : وذلك موجود في كثير من الكتب القديمة ولا يفطن له كثيرون . يعني : لكونه خفيا غير شائع ، ولذا اشتبه علىالعلاء مغلطائي الحنفي حيث توهمه فتحة لذاك الحرف إذ قرأ : " رضوان " بفتح الراء ، وليست الفتحة إلا علامة الإهمال ، وكذا وقف على هذه العلامة للمهمل في بعض الكتب القديمة المصنف .

( وبعضهم ) وهو طريق خامس أو سادس ( كالهمز تحت ) ; أي : تحت المهمل ( يجعل ) حكاه ابن الصلاح عن بعض الكتب القديمة ، وإليه أشار عياض بقوله : ومنهم من يقتصر تحت المهمل على مثال النبرة وهي - كما ذكر الجوهري وابن سيده - الهمزة ، بل حكى عياض أيضا عن بعض المشارقة أنه يجعل فوق المهمل خطا صغيرا يشبه النبرة ، ويشبه أن يكون سادسا أو سابعا ، وإن تردد المصنف [ ص: 59 ] أهو غير الخط أو عينه ؟ ووجدت أيضا سابعا أو ثامنا .

فروى الخطيب في " جامعه " من طريق أبي بكر بن أبي شيبة قال : سمعت عبد الله بن إدريس يقول : كتبت - يعني عن شعبة - حديث أبي الحوراء - يعني عن الحسن بن علي رضي الله عنهما ، فخفت أن أصحف فيه فأقول : أبو الجوزاء بالجيم والزاء ، فكتبت تحته : حور عين .

وكذا ذكره أبو علي الغساني ، وإليه أشار ابن دقيق العيد بقوله : وربما كتبوا ما يدل على الضبط بألفاظ كاملة دالة عليه .

ونحوه رد الدارقطني وهو في الصلاة على من قرأ عليه : يسير بن ذعلوق - بالياء - بقوله : ن والقلم .

ووراء هذا من يقتصر في البيان على ما هو الأسلوب الأصلي لها ، وهو إخلاؤها عن العلامة الوجودية لغيرها من غير زيادة في ذلك ، وهذا طريق من لم يسلك جانب الاستظهار ، وهو طلب الزيادة في الظهور لأجل تحصيل الشيء .

ونحوه من اصطلح في البيان مع نفسه شيئا انفرد به عن الناس لأنه يوقع غيره به في الحيرة واللبس لعدم الوقوف على مراده فيه كما اتفق في " رضوان " .

[ ص: 60 ] قال ابن دقيق العيد : ولقد قرأت جزءا على بعض الشيوخ فكان كاتبه يعمل على الكاف علامة شبيهة بالخاء التي تكتب على الكلمات دلالة على أنها نسخة أخرى ، وكان الكلام يساعد على إسقاط الكلمة وإثباتها في مواضع ، فقرأت ذلك على أنها نسخة ، وبعد فراغ الجزء تبين لي اصطلاحه فاحتجت إلى إعادة قراءة الجزء . انتهى .

ورب علامة أحوجت إلى علامة حتى لفاعلها ، وحينئذ فلا ينبغي - كما قال ابن الصلاح - أن يأتي باصطلاح غير مألوف .

التالي السابق


الخدمات العلمية