الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 170 ] [ ص: 171 ] النوع ‌‌‌الثالث

              في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للتكليف بمقتضاها

              ويحتوي على مسائل

              المسألة الأولى

              ثبت في الأصول أن شرط التكليف أو سببه القدرة على المكلف به ، فما لا قدرة للمكلف عليه لا يصح التكليف به شرعا وإن جاز عقلا ، ولا معنى لبيان ذلك هاهنا; فإن الأصوليين قد تكفلوا بهذه الوظيفة ، ولكن نبني عليها ونقول : إذا ظهر من الشارع في بادئ الرأي القصد إلى التكليف بما لا يدخل تحت قدرة العبد فذلك راجع في التحقيق إلى سوابقه أو لواحقه أو قرائنه; [ ص: 172 ] فقول الله تعالى : ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون [ البقرة : 132 ] ، وقوله في الحديث : كن عبد الله المقتول ، ولا تكن عبد الله القاتل ، وقوله : " لا تمت [ ص: 173 ] وأنت ظالم " ، وما كان نحو ذلك ليس المطلوب منه إلا ما يدخل تحت القدرة ، وهو الإسلام ، وترك الظلم ، والكف عن القتل ، والتسليم لأمر الله ، وكذلك سائر ما كان من هذا القبيل .

              ومنه ما جاء في حديث أبي طلحة حيث ترس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد وكان عليه الصلاة والسلام يتطلع ليرى القوم ، فيقول له أبو طلحة : لا [ ص: 174 ] تشرف يا رسول الله ، لا يصيبوك الحديث; فقوله : " لا يصيبوك " من هذا القبيل .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية