الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1818 ) فصل : فإن أخر الزكاة ، فلم يدفعها إلى الفقير حتى ضاعت ، لم تسقط عنه . كذلك قال الزهري ، والحكم ، وحماد ، والثوري ، وأبو عبيد . وبه قال الشافعي ، إلا أنه قال : إن لم يكن فرط في إخراج الزكاة ، وفي حفظ ذلك المخرج ، رجع إلى ماله ، فإن كان فيما بقي زكاة أخرجها ، وإلا فلا . وقال أصحاب الرأي : يزكي ما بقي ، إلا أن ينقص عن النصاب فتسقط الزكاة ، فرط أو لم يفرط . وقال مالك : أراها تجزئه إذا أخرجها في محلها ، وإن أخرجها بعد ذلك ضمنها .

                                                                                                                                            وقال مالك : يزكي ما بقي بقسطه ، وإن بقي عشرة دراهم . ولنا ، أنه حق متعين على رب المال ، تلف قبل وصوله إلى مستحقه ، فلم يبرأ منه بذلك ، كدين الآدمي . قال أحمد : ولو دفع إلى أحد زكاته خمسة دراهم ، فقبل أن يقبضها منه ، قال : اشتر لي بها ثوبا أو طعاما . فذهبت الدراهم ، أو اشترى بها ما قال فضاع منه ، فعليه أن يعطي مكانها ; لأنه لم يقبضها منه ، ولو قبضها منه ثم ردها إليه ، وقال : اشتر لي بها . فضاعت ، أو ضاع ما اشترى بها ، فلا ضمان عليه إذا لم يكن فرط .

                                                                                                                                            وإنما قال ذلك لأن الزكاة لا يملكها الفقير إلا بقبضها ، فإذا وكله في الشراء بها كان التوكيل فاسدا ، لأنه وكله في الشراء بما ليس له ، وبقيت على ملك رب المال ، فإذا تلفت كانت في ضمانه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية