الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : لما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا أنكرت العرب ذلك، أو من أنكر منهم، فقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشرا مثل محمد، فأنزل الله : أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم [يونس : 2] . وقال : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم [ ص: 51 ] فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) . يعني : فاسألوا أهل الكتب الماضية : أبشرا كانت الرسل الذين أتتهم أم ملائكة؟ فإن كانوا ملائكة، أتتكم، وإن كانوا بشرا فلا تنكروا أن يكون رسولا . ثم قال : ( وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم من أهل القرى ) . أي : ليسوا من أهل السماء كما قلتم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا . قال : قالت العرب : لولا أنزل علينا الملائكة؟ قال الله : ما أرسلت الرسل إلا بشرا، فاسألوا . يا معشر العرب، أهل الذكر . وهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى، الذين جاءتهم الرسل قبلكم إن كنتم لا تعلمون أن الرسل الذين كانوا قبل محمد صلى الله عليه وسلم كانوا بشرا مثله، فإنهم سيخبرونكم أنهم كانوا بشرا مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس فاسألوا أهل الذكر : يعني مشركي قريش، أن محمدا رسول الله في التوراة والإنجيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فاسألوا أهل الذكر . قال : نزلت في عبد الله بن سلام، ونفر من أهل التوراة، كانوا أهل الكتب [ ص: 52 ] يقول : فاسألوهم، إن كنتم لا تعلمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن أنس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الرجل ليصلي ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو، وإنه لمنافق " . ، قيل : يا رسول الله، بماذا دخل عليه النفاق؟ قال : " يطعن على إمامه، وإمامه من قال الله في كتابه : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا ينبغي لعالم أن يسكت على علمه، ولا لجاهل أن يسكت على جهله، وقد قال الله : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون . فينبغي للمؤمن أن يعرف علمه؛ على هدى أم على ضلالة " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية