الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1416 - مسألة : ولا يجوز البيع إلا بلفظ البيع ، أو بلفظ الشراء ، أو بلفظ التجارة ، أو بلفظ يعبر به في سائر اللغات عن البيع ، فإن كان الثمن ذهبا أو فضة غير مقبوضين لكن حالين ، أو إلى أجل مسمى : جاز أيضا بلفظ الدين أو المداينة ، ولا يجوز شيء من ذلك بلفظ الهبة ، ولا بلفظ الصدقة ، ولا بشيء غير ما ذكرنا أصلا .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : قول الله تعالى : { وأحل الله البيع وحرم الربا } .

                                                                                                                                                                                          وقوله تعالى : { لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم } . وقوله تعالى : { إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه } .

                                                                                                                                                                                          فصح أن ما حرم الله تعالى فهو حرام ، وما أحل فهو حلال ، فمتى أخذ مال بغير الاسم الذي أباح الله تعالى به أخذه كان باطلا بنص القرآن .

                                                                                                                                                                                          وصفة البيع والربا واحدة والعمل فيهما واحد ، وإنما فرق بينهما الاسم فقط ، وإنما هما معاوضة مال بمال : أحدهما حلال طيب ، والآخر حرام خبيث ، كبيرة من الكبائر ، قال تعالى { وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا } .

                                                                                                                                                                                          وقال تعالى : { إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان } .

                                                                                                                                                                                          فصح أن الأسماء كلها توقيف من الله تعالى ، لا سيما أسماء أحكام الشريعة التي لا يجوز فيها الإحداث ، ولا تعلم إلا بالنصوص ، ولا خلاف بين الحاضرين منا ومن [ ص: 233 ] خصومنا في أن امرءا لو قال للآخر : أقرضني هذا الدينار وأقضيك دينارا إلى شهر كذا ، ولم يحد وقتا فإنه حسن ، وأجر ، وبر .

                                                                                                                                                                                          وعندنا إن قضاه دينارين أو نصف دينار فقط ورضي كلاهما فحسن .

                                                                                                                                                                                          ولو قال له : بعني هذا الدينار بدينار إلى شهر ، ولم يسم أجلا ، فإنه ربا ، وإثم ، وحرام ، وكبيرة من الكبائر - والعمل واحد ، وإنما فرق بينهما الاسم فقط .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لو قال رجل لامرأة : أبيحي لي جماعك متى شئت ؟ ففعلت ، ورضي وليها ، لكان ذلك زنا - إن وقع - يبيح الدم في بعض المواضع .

                                                                                                                                                                                          ولو قال لها : أنكحيني نفسك ؟ ففعلت ، ورضي وليها لكان حلالا ، وحسنا ، وبرا ، وهكذا - عندنا - في كل شيء .

                                                                                                                                                                                          وأما لفظ الشرى ، فلما روينا من طريق البخاري نا علي بن عياش نا أبو غسان محمد بن مطرف حدثني ابن المنكدر عن جابر بن عبد الله [ رضي الله عنهما ] " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { رحم الله امرءا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية