الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1562 (8) باب في تكفين الميت وتسجيته ، والأمر بتحسين الكفن

                                                                                              [ 808 ] عن خباب بن الأرت قال : هاجرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله نبتغي وجه الله ، فوجب أجرنا على الله ، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا ، منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة ، فكنا إذا وضعناها على رأسه خرجت رجلاه ، وإذا وضعناها على رجليه خرج رأسه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ضعوها مما يلي رأسه ، واجعلوا على رجليه من الإذخر . ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها .

                                                                                              رواه البخاري (1276) ، ومسلم (940) ، وأبو داود (2876) ، والترمذي (3852) ، والنسائي (4 \ 38) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (8) ومن باب : تكفين الميت

                                                                                              قول خباب " فوجب أجرنا على الله " ; أي : بما وعد به من هاجر بقوله الصدق ووعده الحق ، لا بالعقل ; إذ لا يجب على الله شيء عقلا ولا وضعا .

                                                                                              وقوله " فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئا " ; أي : منا من مات على الحال التي هاجر عليها من الفقر ومجانبة زهرة الدنيا وطيباتها ، فذلك الذي سلم له أجر عمله كله ، فرأى أن نيل طيبات الدنيا ينقص من ثواب الأعمال الصالحة فيها .

                                                                                              [ ص: 598 ] وقد قال في البخاري في هذا الحديث : لقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا .

                                                                                              وقوله " ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها " ; أي أدركت ونضجت ، يقال : ينع الثمر وأينع إذا أدرك طيبه ، ومنه قوله تعالى : وينعه [ الأنعام : 99] ويهدبها ; أي : يجتنيها ويقطفها ، يقال منه : هدب ، يهدب ، ويهدب ، هدبا . والنمرة : كساء ملمع ، وقيل أسود .

                                                                                              وقد يستدل بهذا الحديث على أن الكفن من رأس المال ، وهو قول عامة علماء الأمة إلا ما حكي عن طاووس أنه من الثلث إن كان المال قليلا ، وإلا ما حكي عن بعض السلف أنه من الثلث على الإطلاق ، ولم يتابعا على هاتين المقالتين .

                                                                                              وفيه : أن الكفن إذا ضاق عن الميت كان تغطية وجهه ورأسه أولى ; إكراما للوجه وسترا لما يظهر عليه من تغير محاسنه ، وإن ضاق عن الوجه والعورة بدئ بستر العورة .

                                                                                              وتكفين الميت المسلم واجب عند العلماء ، فإن كان له مال فمن رأس ماله على ما تقدم ، وإن لم يكن له مال فمن بيت المال أو على جماعة المسلمين .

                                                                                              واختلف أصحابنا ; هل يلزم ذلك من كان تلزمه نفقته في حياته أم لا ؟ والوتر في الكفن مستحب عند كافة العلماء ، وكلهم مجمعون على أنه ليس فيه حد واجب .




                                                                                              الخدمات العلمية