الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا

                                                                                                                                                                                                                                        قال اذهب امض لما قصدته وهو طرد وتخلية بينه وبين ما سولت له نفسه . فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاؤك وجزاؤهم فغلب المخاطب على الغائب ، ويجوز أن يكون الخطاب للتابعين على الالتفات . جزاء موفورا مكملا من قولهم فر لصاحبك عرضه ، وانتصاب جزاء على المصدر بإضمار فعله أو بما في جزاؤكم من معنى تجازون ، أو حال موطئة لقوله موفورا .

                                                                                                                                                                                                                                        واستفزز واستخفف . من استطعت منهم أن تستفزه والفز الخفيف . بصوتك بدعائك إلى الفساد . وأجلب عليهم وصح عليهم من الجلبة وهي الصياح . بخيلك ورجلك بأعوانك من راكب وراجل ، والخيل الخيالة ومنه قوله عليه الصلاة والسلام « يا خيل الله اركبي » والرجل اسم جمع للراجل [ ص: 261 ] كالصحب والركب ، ويجوز أن يكون تمثيلا لتسلطه على من يغويه بمغوار صوت على قوم فاستفزهم من أماكنهم وأجلب عليهم بجنده حتى استأصلهم . وقرأ حفص ورجلك بالكسر وغيره بالضم وهما لغتان كندس وندس ومعناه : وجمعك الرجل . وقرئ « ورجالك » « ورجالك » . وشاركهم في الأموال بحملهم على كسبها وجمعها من الحرام والتصرف فيها على ما لا ينبغي . والأولاد بالحث على التوصل إلى الولد بالسبب المحرم ، والإشراك فيه بتسميته عبد العزى ، والتضليل بالحمل على الأديان الزائغة والحرف الذميمة والأفعال القبيحة . وعدهم المواعيد الباطلة كشفاعة الآلهة والاتكال على كرامة الآباء وتأخير التوبة لطول الأمل . وما يعدهم الشيطان إلا غرورا اعتراض لبيان مواعيده الباطلة ، والغرور تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية