الطرف الرابع : فيما إذا
nindex.php?page=treesubj&link=11174وهبته الصداق ثم طلقها قبل الدخول ، ونصدره بقاعدتين مستمدتين من قول الله ، تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح [ البقرة : 237 ] . ومعنى الآية ، أن الطلاق قبل الدخول ينصف الصداق ، إلا أن تعفو الزوجة وتتبرع بحقها ، فيعود جميع الصداق إلى الزوج . وفيمن بيده عقدة النكاح ، قولان . القديم : أنه الولي ، والمعنى : إلا أن تعفو المرأة أو وليها إن لم تكن هي أهلا للعفو . والجديد : أنه الزوج ، والمعنى : أن يعفو الزوج عن حقه فيخلص لها جميع الصداق .
القاعدة الأولى : في ألفاظ التبرع .
nindex.php?page=treesubj&link=11174فالواجب عند الطلاق قبل الدخول ، دين أو عين ، والدين قد يكون في ذمته ، وقد يكون في ذمتها بأن قبضته وتلف
[ ص: 315 ] عندها ، فينظر ، إن تبرع مستحق الدين بإسقاطه ، نفذ بلفظ العفو والإبراء والإسقاط والترك . وحكى
الحناطي وجهين في أن لفظ الترك ، صريح أو كناية ؟ ولا حاجة في هذه الألفاظ إلى قبول من عليه على الصحيح ، وينفذ أيضا بلفظ الهبة والتمليك ، وفيهما وجه حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابن كج . والصحيح الأول . وهل يفتقر اللفظان إلى القبول ؟ وجهان . أصحهما : لا ، وبه قطع
البغوي اعتمادا على حقيقة التصرف وهو الإسقاط . أما إذا تبرع من في ذمته بالنصف الآخر ، فالطريق أن ينقل ويملكه ويقبله صاحبه ويقبضه ، فإنه ابتداء هبة ، ولا ينتظم لفظ العفو والإبراء من جهته . لكن لو كان الصداق في ذمة الزوج ، وقلنا : لا يشترط إلا باختياره ، فقال : عفوت ، سقط اختياره كعفوه عن الشفعة ، ويبقى جميع الصداق لها في ذمته .
أما إذا كان الصداق عينا ، فالتبرع فيها هبة . فإن كانت في يد المتبرع ، اشترط الإيجاب والقبول والقبض . وإن كانت في يد الآخر ، فهو هبة لمن المال في يده ، فتعتبر مدة إمكان القبض . وفي افتقاره إلى إذن جديد ، في القبض بهذه الجهة خلاف سبق في ( كتاب الرهن ) . وإن كانت العين عند الطلاق في يد الزوج ، فذلك قد يكون بعد قبضها ، وقد يكون باستمرار يده السابقة قبل الإصداق . وعلى التقدير الثاني ، يزيد النظر في أن تبرعها كهبة المبيع للبائع قبل القبض إذا قلنا : الصداق في يده مضمون ضمان العقود ، ثم التبرع في العين ينفذ بلفظ الهبة والتمليك ، ولا ينفذ بلفظ الإبراء والإسقاط على المذهب .
وحكى
الحناطي فيهما وجهين . وينفذ بلفظ العفو على الأصح لظاهر القرآن ، هذا في تبرعها وتبرعه
[ ص: 316 ] إذا ملكناه بنصف الطلاق ، فأما إذا قلنا : له خيار التملك ، فيعتبر لفظ العفو في إسقاط الخيار ويبقى الجميع لها .
القاعدة الثانية :
nindex.php?page=treesubj&link=25864هل للولي العفو عن صداقها ؟ قولان بناء على أن من هو الذي بيده عقدة النكاح ؟ الجديد : المنع ، والقديم : الجواز بخمسة شروط . أن يكون أبا أو جدا ، وأن تكون بكرا عاقلة صغيرة ، وأن يكون بعد الطلاق ، وأن يكون قبل الدخول ، وأن يكون الصداق دينا ، هذا هو المذهب تفريعا على القديم . وفي وجه : له العفو في الثيب والمجنونة والبالغة والمحجور عليها والرشيدة ، وقبل الطلاق إذا رآه مصلحة ، وعن العين أيضا . والصحيح الأول . ولو زوجها الأب ومات ، ففي صحة عفو الجد وجهان ; لأن الصداق لم يثبت به لكنه ولي . ولو
nindex.php?page=treesubj&link=25864_11174خلعها الولي على نصف الصداق وجوزنا العفو ، صحت المخالعة ، قاله
المتولي وغيره . وفي الوسيط في صحة الخلع مع صحة العفو وجهان . والأول أشبه .
الطَّرَفُ الرَّابِعُ : فِيمَا إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=11174وَهَبَتْهُ الصَّدَاقَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَنُصَدِّرُهُ بِقَاعِدَتَيْنِ مُسْتَمَدَّتَيْنِ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ ، تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ [ الْبَقَرَةِ : 237 ] . وَمَعْنَى الْآيَةِ ، أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُنَصِّفُ الصَّدَاقَ ، إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ الزَّوْجَةُ وَتَتَبَرَّعَ بِحَقِّهَا ، فَيَعُودُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ إِلَى الزَّوْجِ . وَفِيمَنْ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ، قَوْلَانِ . الْقَدِيمُ : أَنَّهُ الْوَلِيُّ ، وَالْمَعْنَى : إِلَّا أَنْ تَعْفُوَ الْمَرْأَةُ أَوْ وَلِيُّهَا إِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ أَهْلًا لِلْعَفْوِ . وَالْجَدِيدُ : أَنَّهُ الزَّوْجُ ، وَالْمَعْنَى : أَنْ يَعْفُوَ الزَّوْجُ عَنْ حَقِّهِ فَيَخْلُصَ لَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ .
الْقَاعِدَةُ الْأُولَى : فِي أَلْفَاظِ التَّبَرُّعِ .
nindex.php?page=treesubj&link=11174فَالْوَاجِبُ عِنْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، دَيْنٌ أَوْ عَيْنٌ ، وَالدَّيْنُ قَدْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا بِأَنْ قَبَضَتْهُ وَتَلِفَ
[ ص: 315 ] عِنْدَهَا ، فَيُنْظَرُ ، إِنْ تَبَرَّعَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ بِإِسْقَاطِهِ ، نُفِّذَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ وَالتَّرْكِ . وَحَكَى
الْحَنَّاطِيُّ وَجْهَيْنِ فِي أَنَّ لَفْظَ التَّرْكِ ، صَرِيحٌ أَوْ كِنَايَةٌ ؟ وَلَا حَاجَةَ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ إِلَى قَبُولِ مَنْ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَيُنَفَّذُ أَيْضًا بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13459ابْنُ كَجٍّ . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ . وَهَلْ يَفْتَقِرُ اللَّفْظَانِ إِلَى الْقَبُولِ ؟ وَجْهَانِ . أَصَحُّهُمَا : لَا ، وَبِهِ قَطَعَ
الْبَغَوِيُّ اعْتِمَادًا عَلَى حَقِيقَةِ التَّصَرُّفِ وَهُوَ الْإِسْقَاطُ . أَمَّا إِذَا تَبَرَّعَ مَنْ فِي ذِمَّتِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ ، فَالطَّرِيقُ أَنْ يَنْقِلَ وَيَمْلِكَهُ وَيَقْبَلَهُ صَاحِبُهُ وَيَقْبِضَهُ ، فَإِنَّهُ ابْتِدَاءُ هِبَةٍ ، وَلَا يَنْتَظِمُ لَفْظُ الْعَفْوِ وَالْإِبْرَاءِ مِنْ جِهَتِهِ . لَكِنْ لَوْ كَانَ الصَّدَاقُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ ، وَقُلْنَا : لَا يُشْتَرَطُ إِلَّا بِاخْتِيَارِهِ ، فَقَالَ : عَفَوْتُ ، سَقَطَ اخْتِيَارُهُ كَعَفْوِهِ عَنِ الشُّفْعَةِ ، وَيَبْقَى جَمِيعُ الصَّدَاقِ لَهَا فِي ذِمَّتِهِ .
أَمَّا إِذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا ، فَالتَّبَرُّعُ فِيهَا هِبَةٌ . فَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُتَبَرِّعِ ، اشْتُرِطَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالْقَبْضُ . وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْآخَرِ ، فَهُوَ هِبَةٌ لِمَنِ الْمَالُ فِي يَدِهِ ، فَتُعْتَبَرُ مُدَّةُ إِمْكَانِ الْقَبْضِ . وَفِي افْتِقَارِهِ إِلَى إِذْنٍ جَدِيدٍ ، فِي الْقَبْضِ بِهَذِهِ الْجِهَةِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي ( كِتَابِ الرَّهْنِ ) . وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ عِنْدَ الطَّلَاقِ فِي يَدِ الزَّوْجِ ، فَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ قَبْضِهَا ، وَقَدْ يَكُونُ بِاسْتِمْرَارِ يَدِهِ السَّابِقَةِ قَبْلَ الْإِصْدَاقِ . وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي ، يَزِيدُ النَّظَرُ فِي أَنَّ تَبَرُّعَهَا كَهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ إِذَا قُلْنَا : الصَّدَاقُ فِي يَدِهِ مَضْمُونٌ ضَمَانَ الْعُقُودِ ، ثُمَّ التَّبَرُّعُ فِي الْعَيْنِ يُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالتَّمْلِيكِ ، وَلَا يُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ وَالْإِسْقَاطِ عَلَى الْمَذْهَبِ .
وَحَكَى
الْحَنَّاطِيُّ فِيهِمَا وَجْهَيْنِ . وَيُنَفَّذُ بِلَفْظِ الْعَفْوِ عَلَى الْأَصَحِّ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ ، هَذَا فِي تَبَرُّعِهَا وَتَبَرُّعِهِ
[ ص: 316 ] إِذَا مَلَّكْنَاهُ بِنِصْفِ الطَّلَاقِ ، فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا : لَهُ خِيَارُ التَّمَلُّكِ ، فَيُعْتَبَرُ لَفْظُ الْعَفْوِ فِي إِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَيَبْقَى الْجَمِيعُ لَهَا .
الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ :
nindex.php?page=treesubj&link=25864هَلْ لِلْوَلِيِّ الْعَفُوُّ عَنْ صَدَاقِهَا ؟ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ هُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ؟ الْجَدِيدُ : الْمَنْعُ ، وَالْقَدِيمُ : الْجَوَازُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ . أَنْ يَكُونَ أَبًا أَوْ جَدًّا ، وَأَنْ تَكُونَ بِكْرًا عَاقِلَةً صَغِيرَةً ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الطَّلَاقِ ، وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَأَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ دَيْنًا ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ . وَفِي وَجْهٍ : لَهُ الْعَفْوُ فِي الثَّيِّبِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالْبَالِغَةِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَالرَّشِيدَةِ ، وَقَبْلَ الطَّلَاقِ إِذَا رَآهُ مَصْلَحَةً ، وَعَنِ الْعَيْنِ أَيْضًا . وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ . وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَبُ وَمَاتَ ، فَفِي صِحَّةِ عَفْوِ الْجَدِّ وَجْهَانِ ; لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ لَكِنَّهُ وَلِيٌّ . وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=25864_11174خَلَعَهَا الْوَلِيُّ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ وَجَوَّزْنَا الْعَفْوَ ، صَحَّتِ الْمُخَالَعَةُ ، قَالَهُ
الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ . وَفِي الْوَسِيطِ فِي صِحَّةِ الْخُلْعِ مَعَ صِحَّةِ الْعَفْوِ وَجْهَانِ . وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ .