الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2283 [ ص: 532 ] باب رمي جمرة العقبة ، من بطن الوادي والتكبير مع كل حصاة

                                                                                                                              وقال النووي: (باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي ، وتكون مكة عن يساره. ويكبر مع كل حصاة) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 42 - 43 ج والمطبعة المصرية

                                                                                                                              [وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي. أخبرنا ابن مسهر عن الأعمش. قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر ألفوا القرآن كما ألفه جبريل. السورة التي يذكر فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها النساء والسورة التي يذكر فيها آل عمران .

                                                                                                                              قال: فلقيت إبراهيم، فأخبرته بقوله. فسبه وقال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد، أنه كان مع عبد الله بن مسعود، فأتى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي، فاستعرضها، فرماها من بطن الوادي: بسبع حصيات. يكبر مع كل حصاة. قال فقلت يا أبا عبد الرحمن! إن الناس يرمونها من فوقها.

                                                                                                                              فقال: هذا " والذي لا إله غيره!" مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة
                                                                                                                              .

                                                                                                                              وفي رواية ابن أبي زائدة وسفيان عن الأعمش قال سمعت الحجاج [ ص: 533 ] يقول لا تقولوا سورة البقرة واقتصا الحديث بمثل حديث ابن مسهر .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن الأعمش قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر : ألفوا القرآن كما ألفه جبريل. السورة التي يذكر فيها البقرة. والسورة التي يذكر فيها النساء. والسورة التي يذكر فيها آل عمران. قال: فلقيت إبراهيم فأخبرته بقوله. فسبه) .

                                                                                                                              قال عياض: إن كان الحجاج أراد بقوله: (كما ألفه جبريل) : تأليف الآي في كل سورة ونظمها ، على ما هي عليه الآن في المصحف ، فهو إجماع المسلمين. وأجمعوا على أن ذلك ، تأليف النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                              وإن كان يريد: تأليف السور ; بعضها في إثر بعض ، فهو قول بعض الفقهاء والقراء. وخالفهم المحققون ، وقالوا: بل هو اجتهاد من الأئمة ; وليس بتوقيف.

                                                                                                                              قال: وتقديمه هنا: (النساء) على (آل عمران) : دليل على أنه لم يرد إلا نظم الآي: لأن الحجاج إنما كان يتبع مصحف عثمان " رضي الله عنه"، ولا يخالفه.

                                                                                                                              [ ص: 534 ] والظاهر: أنه أراد ترتيب الآي ، لا ترتيب السور. انتهى.

                                                                                                                              (وقال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد، أنه كان مع عبد الله بن مسعود. فأتى "جمرة العقبة " ، فاستبطن الوادي ، فاستعرضها ، فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات. يكبر مع كل حصاة. قال. فقلت: يا أبا عبد الرحمن ! إن الناس يرمونها من فوقها. فقال: هذا " والذي لا إله غيره ! " مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) .

                                                                                                                              فيه: إثبات رمي جمرة العقبة يوم النحر ، وهو مجمع عليه. وهو واجب.

                                                                                                                              قال النووي: وهو أحد أسباب التحلل. وهي ثلاثة: رميها يوم النحر; فطواف الإفاضة مع سعي " إن لم يكن سعى ". والثالث: الحلق " عند من يقول: إنه نسك ". وهو الصحيح.

                                                                                                                              فلو ترك رمي (جمرة العقبة) ، حتى فاتت أيام التشريق ، فحجه صحيح وعليه دم. هذا قول الشافعي والجمهور.

                                                                                                                              وقال أصحاب مالك: الرمي ركن ، لا يصح الحج إلا به.

                                                                                                                              وحكى ابن جرير عن بعض الناس: أن رمي الجمار إنما شرع ، حفظا للتكبير. ولو تركه وكبر أجزأه. ونحوه عن عائشة.

                                                                                                                              والصحيح المشهور: ما تقدم.

                                                                                                                              قال في (نيل الأوطار) : والحق أنه واجب ، لما قدمنا من أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ، بيان لمجمل واجب القرآن. وهو قوله تعالى: ( [ ص: 535 ] ولله على الناس حج البيت ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم) . انتهى.

                                                                                                                              وفيه: كون الرمي ; سبع حصيات.

                                                                                                                              قال النووي: وهو مجمع عليه.

                                                                                                                              وفيه: استحباب التكبير مع كل حصاة.

                                                                                                                              قال: وهو مذهبنا ، ومذهب مالك ، والعلماء كافة.

                                                                                                                              قال عياض: وأجمعوا على أنه لو ترك التكبير ، لا شيء عليه.

                                                                                                                              وفيه: استحباب كون الرمي ، من بطن الوادي. فيستحب: أن يقف تحتها في: (بطن الوادي) ، فيجعل مكة عن يساره ، ومنى عن يمينه ، ويستقبل العقبة والجمرة بوجهه ، ويرميها بالحصيات السبع.

                                                                                                                              قال النووي: وهذا هو الصحيح في مذهبنا. وبه قال جمهور العلماء.

                                                                                                                              قال: وأجمعوا على أنه: من حيث رماها جاز. سواء استقبلها ، أو جعلها عن يمينه ، أو عن يساره ، أو رماها من فوقها ، أو أسفلها ، أو وقف في وسطها ورماها.

                                                                                                                              وأما رمي باقي الجمرات في أيام التشريق ، فيستحب من فوقها.

                                                                                                                              وخص (سورة البقرة) بالذكر ، لأن معظم أحكام الحج فيها.

                                                                                                                              [ ص: 536 ] قال في (السيل الجرار) : وأما اشتراط كونها: طاهرة مباحة ، فللأدلة الواردة في المنع: من استعمال النجاسات ، وملابستها. وما ورد في تحريم مال الغير إلا بإذنه.

                                                                                                                              وأما كونها غير مستعملة ، فلا يدل عليه دليل. والأصل الجواز.

                                                                                                                              والدليل على المانع. انتهى.




                                                                                                                              الخدمات العلمية