الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) ظاهر كلام المصنف أن من له قدرة على المشي عليه الحج وإن لم يكن المشي من شأنه وعادته ، وهكذا قال اللخمي وسيأتي الخلاف فيه في التنبيه الذي بعده .

                                                                                                                            ( الثاني ) يشترط في الصنعة التي يلزمه الخروج معها أن لا تزري به قال اللخمي : قال القاضي عبد الوهاب من قدر على الوصول إلى مكة من غير تكلف بذلة يخرج بها عن عادته لزمه الحج ، قال اللخمي : أما الخروج عن عادته في المشي إذا لم يكن عادته وشأنه فغير مراعى ولم يزل الناس والصحابة يعدون ذلك شرفا وإن أراد التكفف والسؤال فيمن ليس ذلك شأنه فحسن انتهى .

                                                                                                                            وقوله : " بذلة " متعلق بتكلف ، وقال ابن عرفة : وفي كون قدرة غير معتاد المشي عليه استطاعة ، قولا اللخمي والباجي مع القاضي انتهى .

                                                                                                                            ( ( قلت ) ) وافقهما صاحب الطراز فإنه ذكر كلام القاضي ثم قال بعده : والذي قاله بين فإن قيل : المشي في الحج فضيلة ، قلنا : نعم غير أنه لا يلزم والقاضي تكلم فيما يلزم انتهى .

                                                                                                                            وظاهر كلام المصنف هنا وفي مناسكه اللزوم وإن لم يكن معتادا كما قال اللخمي ، وأما كون الصناعة التي يفعلها يعتبر فيها أن لا تزري به فظاهر ، وقد قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب : أما من قدر على أن يؤاجر نفسه وهو حاج ولا يزري ذلك به فيجب عليه الحج ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثالث ) تقييده هنا الأعمى بوجود القائد وإدخاله عليه الكاف أحسن من تركه الأمرين في مناسكه لما بيناه ولكن يحمل كلامه هناك على ما قال هنا ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( الرابع ) إذا قدر أن يمشي بعض الطريق ويركب البعض ووجد إلى ذلك سبيلا لزمه الحج قاله في الطراز وهو واضح .

                                                                                                                            ( الخامس ) إذا لم يقدر على الركوب على القتب والزاملة إلا بمشقة عظيمة اعتبر في حقه وجود المحمل والقدرة عليه كما تقدم في كلام صاحب الطراز قال : ولو لحقته المشقة العظيمة في ركوب المحمل أيضا اعتبر في حقه وجود الكنيسة انتهى .

                                                                                                                            قال ابن جماعة الشافعي : والكنيسة كما قال المطرزي شبه الهودج انتهى . وقال الشيخ زكريا في شرح الروض : وهي أعواد مرتفعة بجوانب المحمل عليه ستر يدفع الحر والبرد ويسمى في العرف مجموع ذلك محارة وهي مأخوذة من الكنس وهو الستر ، ومنه رحمه الله { الجوار الكنس } أي المحجوبة انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية