الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة التاسعة : قوله تعالى { : وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } : كان سبب نزولها فيما روى الزهري : { أن أناسا من الأنصار كانوا إذا أهلوا بالعمرة لم يحل بينهم وبين السماء شيء ، فإذا خرج الرجل منهم بعد ذلك من بيته فرجع لحاجة لا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف البيت أن يحول بينه وبين السماء ; فيقتحم الجدار من ورائه ; ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته ، فتخرج إليه من بيته ، حتى بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل بالعمرة زمن الحديبية فدخل حجرته ، فدخل رجل من الأنصار على أثره كان من بني سلمة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : إني أحمسي . قال الزهري : وكانت الحمس لا يبالون ذلك قال الأنصاري : وأنا أحمسي يعني على دينك فأنزل الله تعالى الآية } .

                                                                                                                                                                                                              المسألة العاشرة : في تأويلها ثلاثة أقوال : الأول : أنها بيوت المنازل .

                                                                                                                                                                                                              [ ص: 143 ] الثاني : أنها النساء أمرنا بإتيانهن من القبل لا من الدبر .

                                                                                                                                                                                                              الثالث : أنها مثل ; أمر الناس أن يأتوا الأمور من وجوهها .

                                                                                                                                                                                                              المسألة الحادية عشرة : في تحقيق هذه الأقوال : أما القول إن المراد بها النساء : فهو تأويل بعيد لا يصار إليه إلا بدليل ، فلم يوجد ولا دعت إليه حاجة .

                                                                                                                                                                                                              وأما كونه مثلا في إتيان الأمور من وجوهها : فذلك جائز في كل آية ; فإن لكل حقيقة مثلا منها ما يقرب ومنها ما يبعد .

                                                                                                                                                                                                              وحقيقة هذه الآية البيوت المعروفة ، بدليل ما روي في سبب نزولها من طرق متعددة ذكرنا أوعبها عن الزهري ، فحقق أنها المراد بالآية ، ثم ركب من الأمثال ما يحمله اللفظ ويقرب ، ولا يعارضه شيء .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية