الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى فيهم قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنهم اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعد ما علموا في التوراة أنه نبي ، قاله قتادة وابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: المنافقون قعدوا عن القتال من بعد ما علموه في القرآن ، قاله السدي . الشيطان سول لهم فيه وجهان: [ ص: 303 ] أحدهما: أعطاهم سؤالهم ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: زين لهم خطاياهم ، قاله الحسن . وأملى لهم فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أمهلهم ، قاله الكلبي ومقاتل فعلى هذا يكون الله تعالى هو الذي أملى لهم بالإمهال في عذابهم.

                                                                                                                                                                                                                                        والوجه الثاني: أن معنى أملى لهم أي مد لهم في الأمل فعلى هذا فيه وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أن الله تعالى هو الذي أملى لهم في الأمل ، قاله الفراء والمفضل.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أن الشيطان هو الذي أملى لهم في مد الأمل بالتسويف ، قاله الحسن . ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر وفي قائل ذلك قولان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: أنهم اليهود قالوا للمنافقين سنطيعكم في بعض الأمر. وفيما أرادوا بذلك وجهان:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: سنطيعكم في ألا نصدق بشيء ، من مقالته ، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: سنطيعكم في كتم ما علمنا من نبوته ، قاله ابن جريج .

                                                                                                                                                                                                                                        القول الثاني: أنهم المنافقون قالوا لليهود سنطيعكم في بعض الأمر ، وفيما أرادوه بذلك ثلاثة أوجه:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: سنطيعكم في غير القتال من بغض محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن نصرته ، قال السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: سنطيعكم في الميل إليكم والمظاهرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثالث: سنطيعكم في الارتداد بعد الإيمان. والله يعلم إسرارهم يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: ما أسر بعضهم إلى بعض من هذا القول.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: ما أسروه في أنفسهم من هذا الاعتقاد.

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: فكيف إذا توفتهم الملائكة يحتمل وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: بالقتال نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: بقبض الأرواح عند الموت. [ ص: 304 ] يضربون وجوههم وأدبارهم يكون على احتمال وجهين:

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما: يضربون وجوههم في القتال عند الطلب وأدبارهم عند الهرب.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يضربون وجوههم عند الموت بصحائف كفرهم ، وأدبارهم في القيامة عند سوقهم إلى النار.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية