(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29485_30826_29004يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون ( 10 ) ) .
يقول تعالى مخبرا عن نعمته وفضله وإحسانه إلى عباده المؤمنين ، في صرفه أعداءهم وهزمه إياهم عام تألبوا عليهم وتحزبوا وذلك عام الخندق ، وذلك في شوال سنة خمس من الهجرة على الصحيح
[ ص: 384 ] المشهور .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة وغيره كانت في سنة أربع .
وكان
nindex.php?page=treesubj&link=29326سبب قدوم الأحزاب أن نفرا من أشراف يهود
بني النضير ، الذين كانوا قد أجلاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من
المدينة إلى
خيبر ، منهم :
سلام بن أبي الحقيق ،
وسلام بن مشكم ،
وكنانة بن الربيع ، خرجوا إلى
مكة واجتمعوا بأشراف
قريش ، وألبوهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدوهم من أنفسهم النصر والإعانة . فأجابوهم إلى ذلك ، ثم خرجوا إلى
غطفان فدعوهم فاستجابوا لهم أيضا . وخرجت
قريش في أحابيشها ، ومن تابعها ، وقائدهم
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبو سفيان صخر بن حرب ، وعلى
غطفان عيينة بن حصن بن بدر ، والجميع قريب من عشرة آلاف ، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسيرهم أمر المسلمين بحفر الخندق حول
المدينة مما يلي الشرق ، وذلك بإشارة
سلمان الفارسي ، فعمل المسلمون فيه واجتهدوا ، ونقل معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب وحفر ، وكان في حفره ذلك آيات بينات ودلائل واضحات .
وجاء المشركون فنزلوا شرقي
المدينة قريبا من أحد ، ونزلت طائفة منهم في أعالي أرض
المدينة ، كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم ) ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن معه من المسلمين ، وهم نحو ثلاثة آلاف ، وقيل : سبعمائة ، وأسندوا ظهورهم إلى سلع ووجوههم إلى نحو العدو ، والخندق حفير ليس فيه ماء بينهم وبينهم يحجب الرجالة والخيالة أن تصل إليهم ، وجعل النساء والذراري في آطام المدينة ، وكانت
بنو قريظة - وهم طائفة من
اليهود - لهم حصن شرقي
المدينة ، ولهم عهد من النبي صلى الله عليه وسلم وذمة ، وهم قريب من ثمانمائة مقاتل فذهب إليهم
حيي بن أخطب النضري [ اليهودي ] ، فلم يزل بهم حتى نقضوا العهد ، ومالئوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعظم الخطب واشتد الأمر ، وضاق الحال ، كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=11هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ) .
ومكثوا محاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قريبا من شهر ، إلا أنهم لا يصلون إليهم ، ولم يقع بينهم قتال ، إلا أن
عمرو بن عبد ود العامري - وكان من الفرسان الشجعان المشهورين في الجاهلية - ركب ومعه فوارس فاقتحموا الخندق ، وخلصوا إلى ناحية المسلمين ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم خيل المسلمين إليه ، فلم يبرز إليه أحد ، فأمر
عليا فخرج إليه ، فتجاولا ساعة ، ثم قتله
علي ، رضي الله عنه ، فكان علامة على النصر .
ثم أرسل الله عز وجل على الأحزاب ريحا شديدة الهبوب قوية ، حتى لم تبق لهم خيمة ولا شيء ولا توقد لهم نار ، ولا يقر لهم قرار حتى ارتحلوا خائبين خاسرين ، كما قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا ) .
قال
مجاهد : وهي الصبا ، ويؤيده الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822482 " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور " .
وقال
ابن جرير : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ، حدثنا
عبد الأعلى ، حدثنا
داود ، عن
عكرمة قال : قالت
[ ص: 385 ] الجنوب للشمال ليلة الأحزاب : انطلقي ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الشمال : إن الحرة لا تسري بالليل . قال : فكانت الريح التي أرسلت عليهم الصبا .
ورواه
ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13708أبي سعيد الأشج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15730حفص بن غياث ، عن
داود ، عن
عكرمة ، عن
ابن عباس ، فذكره .
وقال
ابن جرير أيضا : حدثنا
يونس ، حدثنا
ابن وهب ، حدثني
عبيد الله بن عمر ، عن
نافع ، عن
عبد الله بن عمر قال : أرسلني خالي
عثمان بن مظعون ليلة الخندق في برد شديد وريح إلى
المدينة ، فقال : ائتنا بطعام ولحاف . قال : فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأذن لي ، وقال :
" من أتيت من أصحابي فمرهم يرجعوا " . قال : فذهبت والريح تسفي كل شيء ، فجعلت لا ألقى أحدا إلا أمرته بالرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : فما يلوي أحد منهم عنقه . قال : وكان معي ترس لي ، فكانت الريح تضربه علي ، وكان فيه حديد ، قال : فضربته الريح حتى وقع بعض ذلك الحديد على كفي ، فأنفدها إلى الأرض .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9وجنودا لم تروها ) وهم الملائكة ، زلزلتهم وألقت في قلوبهم الرعب والخوف ، فكان رئيس كل قبيلة يقول : يا بني فلان إلي . فيجتمعون إليه فيقول : النجاء ، النجاء . لما ألقى الله تعالى في قلوبهم من الرعب .
وقال
محمد بن إسحاق ، عن
يزيد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501318قال فتى من أهل الكوفة nindex.php?page=showalam&ids=21لحذيفة بن اليمان : يا أبا عبد الله ، رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتموه ؟ قال : نعم يا ابن أخي . قال : وكيف كنتم تصنعون ؟ قال : والله لقد كنا نجهد . قال الفتى : والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض ولحملناه على أعناقنا . قال : قال حذيفة : يا ابن أخي ، والله لو رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ، ثم التفت فقال : " من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ؟ - يشرط له النبي صلى الله عليه وسلم أنه يرجع - أدخله الله الجنة " . قال : فما قام رجل . ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت إلينا ، فقال مثله ، فما قام منا رجل . ثم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال : " nindex.php?page=treesubj&link=30822من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع - يشترط له رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجعة - أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة " . فما قام رجل من القوم; من شدة الخوف ، وشدة الجوع ، وشدة البرد . فلما لم يقم أحد ، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني فقال : " يا حذيفة ، اذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا " . قال : فذهبت فدخلت [ في القوم ] ، والريح وجنود الله ، عز وجل ، تفعل بهم ما تفعل ، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فقام أبو سفيان فقال : يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه . قال حذيفة : فأخذت بيد الرجل الذي إلى جنبي ، فقلت : من أنت ؟ فقال : أنا فلان بن فلان ، ثم قال أبو سفيان : يا معشر قريش ، إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنو قريظة ، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من هذه الريح الذي ترون . والله [ ص: 386 ] ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار ، ولا يستمسك لنا بناء ، فارتحلوا ، فإني مرتحل ، ثم قام إلى جمله وهو معقول ، فجلس عليه ، ثم ضربه ، فوثب به على ثلاث ، فما أطلق عقاله إلا وهو قائم . ولولا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي : " ألا تحدث شيئا حتى تأتيني " ثم شئت ، لقتلته بسهم .
قال
حذيفة : فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي في مرط لبعض نسائه مرحل ، فلما رآني أدخلني بين رجليه ، وطرح علي طرف المرط ، ثم ركع ، وسجد وإني لفيه ، فلما سلم أخبرته الخبر ، وسمعت
غطفان بما فعلت
قريش ، فانشمروا راجعين إلى بلادهم .
وقد رواه
مسلم في صحيحه من حديث
الأعمش ، عن
إبراهيم التيمي ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501319كنا عند حذيفة بن اليمان ، رضي الله عنه ، فقال له رجل : لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قاتلت معه وأبليت . فقال له حذيفة : أنت كنت تفعل ذلك ؟ لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب في ليلة ذات ريح شديدة وقر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا رجل يأتي بخبر القوم ، يكون معي يوم القيامة ؟ " . فلم يجبه منا أحد ، ثم الثانية ، ثم الثالثة مثله . ثم قال : " يا حذيفة ، قم فأتنا بخبر من القوم " . فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم ، فقال : " ائتني بخبر القوم ، ولا تذعرهم علي " . قال : فمضيت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم ، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار ، فوضعت سهما في كبد قوسي ، وأردت أن أرميه ، ثم ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تذعرهم علي " ، ولو رميته لأصبته . قال : فرجعت كأنما أمشي في حمام ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم أصابني البرد حين فرغت وقررت فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها ، فلم أزل نائما حتى الصبح ، فلما أن أصبحت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قم يا نومان .
ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=17416يونس بن بكير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17241هشام بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم : أن رجلا قال
لحذيفة ، رضي الله عنه : نشكو إلى الله صحبتكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم; إنكم أدركتموه ولم ندركه ، ورأيتموه ولم نره . فقال
حذيفة : ونحن نشكو إلى الله إيمانكم به ولم تروه ، والله لا تدري يا ابن أخي لو أدركته كيف كنت تكون . لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق في ليلة باردة مطيرة . . . ثم ذكر نحو ما تقدم مطولا .
وروى
بلال بن يحيى العبسي ، عن
حذيفة نحو ذلك أيضا .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي في " الدلائل " ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، عن
محمد بن عبد الله الدؤلي ، عن
عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501320ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال [ ص: 387 ] جلساؤه : أما والله لو شهدنا ذلك لكنا فعلنا وفعلنا . فقال حذيفة : لا تمنوا ذلك . لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود ، وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا ، وقريظة اليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا ، وما أتت علينا قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا في أصوات ريحها أمثال الصواعق ، وهي ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه ، فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقولون : " إن بيوتنا عورة وما هي بعورة " . فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له ، ويأذن لهم فيتسللون ، ونحن ثلاثمائة ونحو ذلك ، إذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا رجلا حتى أتى علي وما علي جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ، ما يجاوز ركبتي . قال : فأتاني صلى الله عليه وسلم وأنا جاث على ركبتي فقال : " من هذا ؟ " فقلت : حذيفة . قال : " حذيفة " . فتقاصرت بالأرض فقلت : بلى يا رسول الله ، كراهية أن أقوم . [ قال : قم ] ، فقمت ، فقال : " إنه كائن في القوم خبر فأتني بخبر القوم " - قال : وأنا من أشد [ الناس ] فزعا ، وأشدهم قرا - قال : فخرجت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم ، احفظه من بين يديه ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله ، ومن فوقه ومن تحته " . قال : فوالله ما خلق الله فزعا ولا قرا في جوفي إلا خرج من جوفي ، فما أجد فيه شيئا . قال : فلما وليت قال : " يا حذيفة ، لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني " . قال : فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد ، وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار ، ويمسح خاصرته ، ويقول : الرحيل الرحيل ، ولم أكن أعرف أبا سفيان قبل ذلك ، فانتزعت سهما من كنانتي أبيض الريش ، فأضعه في كبد قوسي لأرميه به في ضوء النار ، فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تحدثن فيهم شيئا حتى تأتيني " ، [ فأمسكت ] ورددت سهمي إلى كنانتي ، ثم إني شجعت نفسي حتى دخلت العسكر ، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون : يا آل عامر ، الرحيل الرحيل ، لا مقام لكم . وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز عسكرهم شبرا ، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم ، وفرستهم الريح تضربهم بها ، ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما انتصفت في الطريق أو نحوا من ذلك ، إذا أنا بنحو من عشرين فارسا أو نحو ذلك معتمين ، فقالوا : أخبر صاحبك أن الله تعالى كفاه القوم . فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو مشتمل في شملة يصلي ، فوالله ما عدا أن رجعت راجعني القر وجعلت أقرقف ، فأومأ إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم [ بيده ] وهو يصلي ، فدنوت منه ، فأسبل علي شملته . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى ، فأخبرته خبر القوم ، وأخبرته أني تركتهم يترحلون ، وأنزل الله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا ) .
وأخرج
أبو داود في سننه منه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا حزبه أمر ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، به .
[ ص: 388 ] وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إذ جاءوكم من فوقكم ) أي : الأحزاب (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10ومن أسفل منكم ) تقدم عن
حذيفة أنهم
بنو قريظة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ) أي : من شدة الخوف والفزع ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وتظنون بالله الظنون ) .
قال
ابن جرير : ظن بعض من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدائرة على المؤمنين ، وأن الله سيفعل ذلك .
وقال
محمد بن إسحاق في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ) : ظن المؤمنون كل ظن ، ونجم النفاق حتى قال
معتب بن قشير - أخو بني
عمرو بن عوف - : كان
محمد يعدنا أن نأكل كنوز
كسرى وقيصر ، وأحدنا لا يقدر على أن يذهب إلى الغائط .
وقال
الحسن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وتظنون بالله الظنون ) : ظنون مختلفة ، ظن المنافقون أن
محمدا وأصحابه يستأصلون ، وأيقن المؤمنون أن ما وعد الله ورسوله حق ، وأنه سيظهره على الدين كله ولو كره المشركون .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا
أحمد بن عاصم الأنصاري ، حدثنا
أبو عامر ( ح ) وحدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14797أبو عامر العقدي ، حدثنا
الزبير - يعني : ابن عبد الله ، مولى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - عن
رتيج بن عبد الرحمن بن أبي سعيد ، عن أبيه ، عن
أبي سعيد قال : قلنا يوم الخندق : يا رسول الله ، هل من شيء نقول ، فقد بلغت القلوب الحناجر ؟ قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822497 " نعم ، قولوا : اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا " . قال : فضرب وجوه أعدائه بالريح ، فهزمهم بالريح .
وكذا رواه
الإمام أحمد بن حنبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14797أبي عامر العقدي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29485_30826_29004يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ ( 10 ) ) .
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ نِعْمَتِهِ وَفَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ إِلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ، فِي صَرْفِهِ أَعْدَاءَهُمْ وَهَزْمِهِ إِيَّاهُمْ عَامَ تَأَلَّبُوا عَلَيْهِمْ وَتَحَزَّبُوا وَذَلِكَ عَامَ الْخَنْدَقِ ، وَذَلِكَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ عَلَى الصَّحِيحِ
[ ص: 384 ] الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17177مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَغَيْرُهُ كَانَتْ فِي سَنَةَ أَرْبَعٍ .
وَكَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29326سَبَبُ قُدُومِ الْأَحْزَابِ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَشْرَافِ يَهُودِ
بَنِي النَّضِيرِ ، الَّذِينَ كَانُوا قَدْ أَجْلَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ
الْمَدِينَةِ إِلَى
خَيْبَرَ ، مِنْهُمْ :
سَلَّامُ بْنُ أَبِي الْحُقَيْقِ ،
وَسَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ ،
وَكِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ ، خَرَجُوا إِلَى
مَكَّةَ وَاجْتَمَعُوا بِأَشْرَافِ
قُرَيْشٍ ، وَأَلَّبُوهُمْ عَلَى حَرْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَعَدُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمُ النَّصْرَ وَالْإِعَانَةَ . فَأَجَابُوهُمْ إِلَى ذَلِكَ ، ثُمَّ خَرَجُوا إِلَى
غَطَفَانَ فَدَعَوْهُمْ فَاسْتَجَابُوا لَهُمْ أَيْضًا . وَخَرَجَتْ
قُرَيْشٌ فِي أَحَابِيشِهَا ، وَمَنْ تَابَعَهَا ، وَقَائِدُهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=12026أَبُو سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَعَلَى
غَطَفَانَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ بَدْرٍ ، وَالْجَمِيعُ قَرِيبٌ مِنْ عَشْرَةِ آلَافٍ ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَسِيرِهِمْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ بِحَفْرِ الْخَنْدَقِ حَوْلَ
الْمَدِينَةِ مِمَّا يَلِي الشَّرْقَ ، وَذَلِكَ بِإِشَارَةِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ ، فَعَمِلَ الْمُسْلِمُونَ فِيهِ وَاجْتَهَدُوا ، وَنَقَلَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ وَحَفَرَ ، وَكَانَ فِي حَفْرِهِ ذَلِكَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ وَدَلَائِلُ وَاضِحَاتٌ .
وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَنَزَلُوا شَرْقِيَّ
الْمَدِينَةِ قَرِيبًا مِنْ أُحُدٍ ، وَنَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ فِي أَعَالِي أَرْضِ
الْمَدِينَةِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) ، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُمْ نَحْوُ ثَلَاثَةِ آلَافٍ ، وَقِيلَ : سَبْعُمِائَةٍ ، وَأَسْنَدُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سَلْعٍ وَوُجُوهَهُمْ إِلَى نَحْوِ الْعَدُوِّ ، وَالْخَنْدَقُ حَفِيرٌ لَيْسَ فِيهِ مَاءٌ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ يَحْجُبُ الرَّجَّالَةَ وَالْخَيَّالَةَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِمْ ، وَجَعَلَ النِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ فِي آطَامِ الْمَدِينَةِ ، وَكَانَتْ
بَنُو قُرَيْظَةَ - وَهُمْ طَائِفَةٌ مِنَ
الْيَهُودِ - لَهُمْ حِصْنٌ شَرْقِيَّ
الْمَدِينَةِ ، وَلَهُمْ عَهْدٌ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِمَّةٌ ، وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ مُقَاتِلٍ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّضْرِيُّ [ الْيَهُودِيُّ ] ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِمْ حَتَّى نَقَضُوا الْعَهْدَ ، وَمَالَئُوا الْأَحْزَابَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَعَظُمَ الْخَطْبُ وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ ، وَضَاقَ الْحَالُ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=11هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ) .
وَمَكَثُوا مُحَاصِرِينَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ ، إِلَّا أَنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إِلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ ، إِلَّا أَنَّ
عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ الْعَامِرِيَّ - وَكَانَ مِنَ الْفُرْسَانِ الشُّجْعَانِ الْمَشْهُورِينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ - رَكِبَ وَمَعَهُ فَوَارِسُ فَاقْتَحَمُوا الْخَنْدَقَ ، وَخَلَصُوا إِلَى نَاحِيَةِ الْمُسْلِمِينَ ، فَنَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْلَ الْمُسْلِمِينَ إِلَيْهِ ، فَلَمْ يَبْرُزْ إِلَيْهِ أَحَدٌ ، فَأَمَرَ
عَلِيًّا فَخَرَجَ إِلَيْهِ ، فَتَجَاوَلَا سَاعَةً ، ثُمَّ قَتَلَهُ
عَلِيٌّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَكَانَ عَلَامَةً عَلَى النَّصْرِ .
ثُمَّ أَرْسَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْأَحْزَابِ رِيحًا شَدِيدَةَ الْهُبُوبِ قَوِيَّةً ، حَتَّى لَمْ تُبْقَ لَهُمْ خَيْمَةٌ وَلَا شَيْءٌ وَلَا تُوقَدُ لَهُمْ نَارٌ ، وَلَا يَقِرُّ لَهُمْ قَرَارٌ حَتَّى ارْتَحَلُوا خَائِبِينَ خَاسِرِينَ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا ) .
قَالَ
مُجَاهِدٌ : وَهِيَ الصَّبَا ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822482 " نُصِرْتُ بِالصَّبَا ، وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ " .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12166مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا
دَاوُدُ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ قَالَ : قَالَتِ
[ ص: 385 ] الْجُنُوبُ لِلشَّمَالِ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ : انْطَلِقِي نَنْصُرْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتِ الشَّمَالُ : إِنَّ الْحُرَّةَ لَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ . قَالَ : فَكَانَتِ الرِّيحُ الَّتِي أُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الصَّبَا .
وَرَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13708أَبِي سَعِيدٍ الْأَشَجِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15730حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، عَنْ
دَاوُدَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَذَكَرَهُ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا : حَدَّثَنَا
يُونُسُ ، حَدَّثَنَا
ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : أَرْسَلَنِي خَالِي
عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ وَرِيحٍ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، فَقَالَ : ائْتِنَا بِطَعَامٍ وَلِحَافٍ . قَالَ : فَاسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَذِنَ لِي ، وَقَالَ :
" مَنْ أَتَيْتَ مِنْ أَصْحَابِي فَمُرْهُمْ يَرْجِعُوا " . قَالَ : فَذَهَبْتُ وَالرِّيحُ تُسْفِي كُلَّ شَيْءٍ ، فَجَعَلْتُ لَا أَلْقَى أَحَدًا إِلَّا أَمَرْتُهُ بِالرُّجُوعِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : فَمَا يَلْوِي أَحَدٌ مِنْهُمْ عُنُقَهُ . قَالَ : وَكَانَ مَعِي تُرْسٌ لِي ، فَكَانَتِ الرِّيحُ تَضْرِبُهُ عَلَيَّ ، وَكَانَ فِيهِ حَدِيدٌ ، قَالَ : فَضَرَبَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى وَقَعَ بَعْضُ ذَلِكَ الْحَدِيدِ عَلَى كَفِّي ، فَأَنْفَدَهَا إِلَى الْأَرْضِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ) وَهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، زَلْزَلَتْهُمْ وَأَلْقَتْ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ وَالْخَوْفَ ، فَكَانَ رَئِيسُ كُلِّ قَبِيلَةٍ يَقُولُ : يَا بَنِي فُلَانٍ إِلَيَّ . فَيَجْتَمِعُونَ إِلَيْهِ فَيَقُولُ : النَّجَاءَ ، النَّجَاءَ . لِمَا أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى فِي قُلُوبِهِمْ مِنَ الرُّعْبِ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501318قَالَ فَتًى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ nindex.php?page=showalam&ids=21لِحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ، رَأَيْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحِبْتُمُوهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ يَا ابْنَ أَخِي . قَالَ : وَكَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ كُنَّا نُجْهَدُ . قَالَ الْفَتَى : وَاللَّهِ لَوْ أَدْرَكْنَاهُ مَا تَرَكْنَاهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ وَلَحَمَلْنَاهُ عَلَى أَعْنَاقِنَا . قَالَ : قَالَ حُذَيْفَةُ : يَا ابْنَ أَخِي ، وَاللَّهِ لَوْ رَأَيْتَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَنْدَقِ وَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ الْتَفَتَ فَقَالَ : " مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْمُ ؟ - يَشْرُطُ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَرْجِعُ - أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ " . قَالَ : فَمَا قَامَ رَجُلٌ . ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا ، فَقَالَ مِثْلَهُ ، فَمَا قَامَ مِنَّا رَجُلٌ . ثُمَّ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَوِيًّا مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ : " nindex.php?page=treesubj&link=30822مَنْ رَجُلٌ يَقُومُ فَيَنْظُرُ لَنَا مَا فَعَلَ الْقَوْمُ ثُمَّ يَرْجِعُ - يَشْتَرِطُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجْعَةَ - أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ " . فَمَا قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ; مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ ، وَشِدَّةِ الْجُوعِ ، وَشِدَّةِ الْبَرْدِ . فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ أَحَدٌ ، دَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنَ الْقِيَامِ حِينَ دَعَانِي فَقَالَ : " يَا حُذَيْفَةُ ، اذْهَبْ فَادْخُلْ فِي الْقَوْمِ فَانْظُرْ مَا يَفْعَلُونَ ، وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنَا " . قَالَ : فَذَهَبْتُ فَدَخَلْتُ [ فِي الْقَوْمِ ] ، وَالرِّيحُ وَجُنُودُ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، تَفْعَلُ بِهِمْ مَا تَفْعَلُ ، لَا تُقِرُّ لَهُمْ قِدْرًا وَلَا نَارًا وَلَا بِنَاءً ، فَقَامَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، لِيَنْظُرِ امْرُؤٌ مَنْ جَلِيسُهُ . قَالَ حُذَيْفَةُ : فَأَخَذْتُ بِيَدِ الرَّجُلِ الَّذِي إِلَى جَنْبِي ، فَقُلْتُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ : أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا أَصْبَحْتُمْ بِدَارِ مَقَامٍ ، لَقَدْ هَلَكَ الْكُرَاعُ وَالْخُفُّ ، وَأَخْلَفَتْنَا بَنُو قُرَيْظَةَ ، وَبَلَغَنَا عَنْهُمُ الَّذِي نَكْرَهُ ، وَلَقِينَا مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ الَّذِي تَرَوْنَ . وَاللَّهِ [ ص: 386 ] مَا تَطْمَئِنُّ لَنَا قِدْرٌ ، وَلَا تَقُومُ لَنَا نَارٌ ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ لَنَا بِنَاءٌ ، فَارْتَحِلُوا ، فَإِنِّي مُرْتَحِلٌ ، ثُمَّ قَامَ إِلَى جَمَلِهِ وَهُوَ مَعْقُولٌ ، فَجَلَسَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ ضَرَبَهُ ، فَوَثَبَ بِهِ عَلَى ثَلَاثٍ ، فَمَا أَطْلَقَ عِقَالَهُ إِلَّا وَهُوَ قَائِمٌ . وَلَوْلَا عَهْدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ : " أَلَّا تُحْدِثَ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " ثُمَّ شِئْتُ ، لَقَتَلْتُهُ بِسَهْمٍ .
قَالَ
حُذَيْفَةُ : فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي مِرْطٍ لِبَعْضِ نِسَائِهِ مُرَحَّلٍ ، فَلَمَّا رَآنِي أَدْخَلَنِي بَيْنَ رِجْلَيْهِ ، وَطَرَحَ عَلَيَّ طَرَفَ الْمِرْطِ ، ثُمَّ رَكَعَ ، وَسَجَدَ وَإِنِّي لَفِيهِ ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَخْبَرْتُهُ الْخَبَرَ ، وَسَمِعَتْ
غَطَفَانُ بِمَا فَعَلَتْ
قُرَيْشٌ ، فَانْشَمَرُوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادِهِمْ .
وَقَدْ رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ
الْأَعْمَشِ ، عَنْ
إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501319كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ . فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ : أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ ؟ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ فِي لَيْلَةٍ ذَاتِ رِيحٍ شَدِيدَةٍ وَقُرٍّ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا رَجُلٌ يَأْتِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ ، يَكُونُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ " . فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ ، ثُمَّ الثَّانِيَةُ ، ثُمَّ الثَّالِثَةُ مِثْلُهُ . ثُمَّ قَالَ : " يَا حُذَيْفَةُ ، قُمْ فَأْتِنَا بِخَبَرٍ مِنَ الْقَوْمِ " . فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ ، فَقَالَ : " ائْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ ، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ " . قَالَ : فَمَضَيْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ ، فَإِذَا أَبُو سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ قَوْسِي ، وَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهِ ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ " ، وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ . قَالَ : فَرَجَعْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ أَصَابَنِي الْبَرْدُ حِينَ فَرَغْتُ وَقَرَرْتُ فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَلْبَسَنِي مِنْ فَضْلٍ عَبَاءَةً كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا ، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى الصُّبْحَ ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحَتُ قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " قُمْ يَا نَوْمَانُ .
وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17416يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17241هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ
لِحُذَيْفَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : نَشْكُو إِلَى اللَّهِ صُحْبَتَكُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ; إِنَّكُمْ أَدْرَكْتُمُوهُ وَلَمْ نُدْرِكْهُ ، وَرَأَيْتُمُوهُ وَلَمْ نَرَهُ . فَقَالَ
حُذَيْفَةُ : وَنَحْنُ نَشْكُو إِلَى اللَّهِ إِيمَانَكُمْ بِهِ وَلَمْ تَرَوْهُ ، وَاللَّهِ لَا تَدْرِي يَا ابْنَ أَخِي لَوْ أَدْرَكْتَهُ كَيْفَ كُنْتَ تَكُونُ . لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْخَنْدَقِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ مَطِيرَةٍ . . . ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ مُطَوَّلًا .
وَرَوَى
بِلَالُ بْنُ يَحْيَى الْعَبْسِيُّ ، عَنْ
حُذَيْفَةَ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْضًا .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ nindex.php?page=showalam&ids=13933وَالْبَيْهَقِيُّ فِي " الدَّلَائِلِ " ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16585عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدُّؤَلِيِّ ، عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنِ أَخِي حُذَيْفَةَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3501320ذَكَرَ حُذَيْفَةُ مَشَاهِدَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ [ ص: 387 ] جُلَسَاؤُهُ : أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شَهِدْنَا ذَلِكَ لَكُنَّا فَعَلْنَا وَفَعَلْنَا . فَقَالَ حُذَيْفَةُ : لَا تَمَنَّوْا ذَلِكَ . لَقَدْ رَأَيْتُنَا لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ وَنَحْنُ صَافُّونَ قُعُودٌ ، وَأَبُو سُفْيَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْزَابِ فَوْقَنَا ، وَقُرَيْظَةُ الْيَهُودُ أَسْفَلَ مِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى ذَرَارِينَا ، وَمَا أَتَتْ عَلَيْنَا قَطُّ أَشَدُّ ظُلْمَةً وَلَا أَشَدُّ رِيحًا فِي أَصْوَاتِ رِيحِهَا أَمْثَالُ الصَّوَاعِقِ ، وَهِيَ ظُلْمَةٌ مَا يَرَى أَحَدُنَا إِصْبَعَهُ ، فَجَعَلَ الْمُنَافِقُونَ يَسْتَأْذِنُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَيَقُولُونَ : " إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ " . فَمَا يَسْتَأْذِنُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إِلَّا أَذِنَ لَهُ ، وَيَأْذَنُ لَهُمْ فَيَتَسَلَّلُونَ ، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، إِذِ اسْتَقْبَلَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا رَجُلًا حَتَّى أَتَى عَلَيَّ وَمَا عَلَيَّ جُنَّةٌ مِنَ الْعَدْوِ وَلَا مِنَ الْبَرْدِ إِلَّا مِرْطٌ لِامْرَأَتِي ، مَا يُجَاوِزُ رُكْبَتِي . قَالَ : فَأَتَانِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جَاثٍ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ : " مَنْ هَذَا ؟ " فَقُلْتُ : حُذَيْفَةُ . قَالَ : " حُذَيْفَةُ " . فَتَقَاصَرْتُ بِالْأَرْضِ فَقُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كَرَاهِيَةَ أَنْ أَقُومَ . [ قَالَ : قُمْ ] ، فَقُمْتُ ، فَقَالَ : " إِنَّهُ كَائِنٌ فِي الْقَوْمِ خَبَرٌ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ " - قَالَ : وَأَنَا مِنْ أَشَدِّ [ النَّاسِ ] فَزَعًا ، وَأَشَدِّهِمْ قُرًّا - قَالَ : فَخَرَجْتُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ ، احْفَظْهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ ، وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ، وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ " . قَالَ : فَوَاللَّهِ مَا خَلَقَ اللَّهُ فَزَعًا وَلَا قُرًّا فِي جَوْفِي إِلَّا خَرَجَ مِنْ جَوْفِي ، فَمَا أُجِدُ فِيهِ شَيْئًا . قَالَ : فَلَمَّا وَلَّيْتُ قَالَ : " يَا حُذَيْفَةُ ، لَا تُحْدِثَنَّ فِي الْقَوْمِ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " . قَالَ : فَخَرَجْتُ حَتَّى إِذَا دَنَوْتُ مِنْ عَسْكَرِ الْقَوْمِ نَظَرْتُ فِي ضَوْءِ نَارٍ لَهُمْ تَوَقَّدُ ، وَإِذَا رَجُلٌ أَدْهَمُ ضَخْمٌ يَقُولُ بِيَدِهِ عَلَى النَّارِ ، وَيَمْسَحُ خَاصِرَتَهُ ، وَيَقُولُ : الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ ، وَلَمْ أَكُنْ أَعْرِفُ أَبَا سُفْيَانَ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَانْتَزَعْتُ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي أَبْيَضَ الرِّيشِ ، فَأَضَعُهُ فِي كَبِدِ قَوْسِي لِأَرْمِيَهُ بِهِ فِي ضَوْءِ النَّارِ ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تُحْدِثَنَّ فِيهِمْ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي " ، [ فَأَمْسَكْتُ ] وَرَدَدْتُ سَهْمِي إِلَى كِنَانَتِي ، ثُمَّ إِنِّي شَجَّعْتُ نَفْسِي حَتَّى دَخَلْتُ الْعَسْكَرَ ، فَإِذَا أَدْنَى النَّاسِ مِنِّي بَنُو عَامِرٍ يَقُولُونَ : يَا آلَ عَامِرٍ ، الرَّحِيلَ الرَّحِيلَ ، لَا مُقَامَ لَكُمْ . وَإِذَا الرِّيحُ فِي عَسْكَرِهِمْ مَا تُجَاوِزُ عَسْكَرَهُمْ شِبْرًا ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَعُ صَوْتَ الْحِجَارَةِ فِي رِحَالِهِمْ ، وَفَرَسَتْهُمُ الرِّيحُ تَضْرِبُهُمْ بِهَا ، ثُمَّ خَرَجْتُ نَحْوَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا انْتَصَفْتُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ ، إِذَا أَنَا بِنَحْوٍ مِنْ عِشْرِينَ فَارِسًا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُعْتَمِّينَ ، فَقَالُوا : أَخْبِرْ صَاحِبَكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَفَاهُ الْقَوْمَ . فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ فِي شَمْلَةٍ يُصَلِّي ، فَوَاللَّهِ مَا عَدَا أَنْ رَجَعْتُ رَاجَعَنِي الْقُرُّ وَجَعَلْتُ أُقَرْقِفُ ، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ بِيَدِهِ ] وَهُوَ يُصَلِّي ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَأَسْبَلَ عَلَيَّ شَمْلَتَهُ . وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى ، فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَ الْقَوْمِ ، وَأَخْبَرْتُهُ أَنِّي تَرَكَتْهُمْ يَتَرَحَّلُونَ ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=9يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ) .
وَأَخْرَجَ
أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ مِنْهُ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ ، مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=16585عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ ، بِهِ .
[ ص: 388 ] وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ ) أَيِ : الْأَحْزَابُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ) تَقَدَّمَ عَنْ
حُذَيْفَةَ أَنَّهُمْ
بَنُو قُرَيْظَةَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ) أَيْ : مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالْفَزَعِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ ) .
قَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : ظَنَّ بَعْضُ مَنْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الدَّائِرَةَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَنَّ اللَّهَ سَيَفْعَلُ ذَلِكَ .
وَقَالَ
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ) : ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ كُلَّ ظَنٍّ ، وَنَجَمَ النِّفَاقُ حَتَّى قَالَ
مُعَتِّبُ بْنُ قُشَيْرٍ - أَخُو بَنِي
عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ - : كَانَ
مُحَمَّدٌ يَعِدُنَا أَنْ نَأْكُلَ كُنُوزَ
كِسْرَى وَقَيْصَرَ ، وَأَحَدُنَا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَذْهَبَ إِلَى الْغَائِطِ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ ) : ظُنُونٌ مُخْتَلِفَةٌ ، ظَنَّ الْمُنَافِقُونَ أَنَّ
مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ يُسْتَأْصَلُونَ ، وَأَيْقَنَ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّ مَا وَعَدَ اللَّهُ وَرَسُولَهُ حَقٌّ ، وَأَنَّهُ سَيُظْهِرُهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا
أَبُو عَامِرٍ ( ح ) وَحَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14797أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، حَدَّثَنَا
الزُّبَيْرُ - يَعْنِي : ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، مَوْلَى
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - عَنْ
رُتَيْجِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : قُلْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلْ مِنْ شَيْءٍ نَقُولُ ، فَقَدْ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ ؟ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822497 " نَعَمْ ، قُولُوا : اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا ، وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا " . قَالَ : فَضَرَبَ وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ ، فَهَزَمَهُمْ بِالرِّيحِ .
وَكَذَا رَوَاهُ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14797أَبِي عَامِرٍ الْعَقَدِيِّ .