الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل

                                                                                                          والنية شرط في إخراج الزكاة ( و ) فينوي الزكاة أو الصدقة الواجبة أو صدقة المال أو الفطر ، ولو نوى صدقة مطلقة لم يجزئه ولو تصدق بجميع ماله ، كصدقته بغير النصاب من جنسه ( و ) ; لأن صرف المال إلى الفقير له جهات ، فلا تتعين الزكاة إلا بتعيين ، وظاهره لا تكفي نية الصدقة الواجبة أو صدقة المال ، وهو ظاهر ما جزم به جماعة من أنه ينوي الزكاة ، وهذا متجه ، والأول جزم به جماعة ، وفي تعليق القاضي : إن تصدق بماله المعين أجزأه ، وكذا مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ، لئلا يلزمه بإحسانه ضمان ، فإن تصدق ببعضه أجزأه عن زكاة ذلك البعض ، عند محمد ، لإشاعة المؤدى في الجميع ، لا عند أبي يوسف ، لعدم تعيين البعض ; لأن الباقي محل للوجوب ، ولا تعتبر نية الفرض ، ولا تعيين المال المزكى عنه ، وفي تعليق القاضي وجه : تعتبر نية التعيين وإذا اختلف المال ، مثل شاة عن خمس من الإبل ، وأخرى عن أربعين من الغنم ، ودينار عن نصاب تالف ، وآخر عن نصاب قائم ، وصاع عن فطرة ، وآخر عن عشر ، فعلى الأول إن نوى زكاة ماله الغائب فإن كان تالفا [ ص: 548 ] فعن الحاضر أجزأ عنه إن كان الغائب تالفا ، بخلاف الصلاة ، لاعتبار التعيين فيها ، وإن أدى قدر زكاة أحدهما جعلها لأيهما شاء ، كتعينه ابتداء ، وإن لم يعينه أجزأ عن أحدهما ، ولو نوى عن الغائب فبان تالفا لم يكن له صرفه إذا إلى غيره ( و ) كعتق في كفارة معينة فلم تكن ; لأن النية لم تتناوله ، وإن نوى عن الغائب إن كان سالما ، أو نوى وإلا فنفل ، أجزأ ; لأنه حكم الإطلاق فلم يضر تقييده به .

                                                                                                          وقال أبو بكر : لا يجزئه ; لأنه لم يخلص النية للفرض ، كمن قال : هذه زكاة مالي أو نفل أو إن كان مات مورثي فهذه زكاة إرثي منه ; لأنه لم يبن على أصل ، قال الشيخ وغيره : كقوله ليلة الشك : إن كان غدا من رمضان فهو فرضي وإلا فنفل .

                                                                                                          وقال صاحب المحرر : كقوله : إن كان وقت الظهر دخل فصلاتي هذه عنها ، وقال غير واحد : لو قال في الصلاة : إن كان الوقت دخل ففرض وإلا فنفل فعلى الوجهين .

                                                                                                          وقال أبو البقاء فيمن بلغ في الوقت : التردد في العبادة يفسدها ، ولهذا لو صلى ونوى إن كان الوقت قد دخل فهي فريضة وإن لم يكن قد دخل فهي نافلة لم يصح له فرضا ولا نفلا ، وإن نوى عن الغائب إن كان سالما وإلا فارجع به فذكرأبو المعالي : له الرجوع على قول الرجوع في التلف .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية