الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 93 ] قوله تعالى : والله جعل لكم مما خلق ظلالا الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : والله جعل لكم مما خلق ظلالا . قال : من الشجر ومن غيرها، وجعل لكم من الجبال أكنانا . قال : غارات يسكن فيها، وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر : من القطن والكتان والصوف، وسرابيل تقيكم بأسكم : من الحديد، كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون . ولذلك هذه السورة تسمى سورة " النعم " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، من طريق الكسائي، عن حمزة، عن الأعمش وأبي بكر وعاصم، أنهم قرءوا لعلكم تسلمون . برفع التاء من " أسلمت " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو عبيد، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، عن ابن عباس في قوله : سرابيل تقيكم الحر . قال : يعني الثياب، وسرابيل تقيكم بأسكم . قال : يعني الدروع والسلاح كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون . يعني : من الجراحات، وكان ابن عباس يقرؤها ( تسلمون ) . أي : بفتح التاء واللام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ، أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله جعل لكم من بيوتكم سكنا " . قال الأعرابي : [ ص: 94 ] نعم . " وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها " . قال الأعرابي : نعم . ثم قرأ عليه، كل ذلك يقول : نعم . حتى بلغ : " كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون " . فولى الأعرابي، فأنزل الله : يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها . قال : هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها، والسرابيل من الحديد والثياب، تعرف هذا كفار قريش، ثم تنكره بأن تقول : هذا كان لآبائنا فورثونا إياها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن كثير في الآية قال : يعلمون أن الله خلقهم وأعطاهم ما أعطاهم، فهو معرفتهم نعمته، ثم إنكارهم إياها كفرهم بعد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عون بن عبد الله في قوله : يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها . قال : إنكارهم إياها أن يقول الرجل : لولا فلان أصابني كذا وكذا، ولولا فلان لم أصب كذا وكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 95 ] وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم عن السدي في قوله : يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها . قال محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      ولفظ ابن أبي حاتم قال : هذا في حديث أبي جهل والأخنس، حين سأل الأخنس أبا جهل عن محمد صلى الله عليه وسلم : فقال : هو نبي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية