الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المذهب الخامس : مذهب الأشعري ومن وافقه أنه معنى واحد قائم بذات الرب ، وهو صفة قديمة أزلية ليس بحرف ولا صوت ، ولا ينقسم ولا له أبعاض ولا له أجزاء ولا عين الأمر وعين النهي وعين الخبر وعين الاستخبار ، الكل من واحد وهو عين [ ص: 498 ] التوراة والإنجيل والقرآن والزبور ، وكونه أمرا ونهيا ، وخبرا واستخبارا صفات لذلك المعنى الواحد ، وأنواع له ، فإنه لا ينقسم بنوع ولا جزء ، وكونه قرآنا وتوراة وإنجيلا تقسيم للعبارات عنه لا لذاته ، بل إذا عبر عن ذلك المعنى بالعربية كان قرآنا ، وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة ، وإن عبر عنه بالسريانية كان اسمه إنجيلا ، والمعنى واحد ، وهذه الألفاظ عبارة عنه ولا يسميها حكاية ، وهي خلق من المخلوقات ، وعنه لم يتكلم الله بهذا الكلام العربي ، ولا سمع من الله وعنده ذلك المعنى سمع من الله حقيقة ، ويجوز أن يرى ويشم ، ويذاق ويلمس ، ويدرك بالحواس الخمس ، إذ المصحح عنده لإدراك الحواس هو الوجود ، فكل وجود يصح تعلق الإدراكات كلها به كما قرره في مسألة رؤية من ليس في جهة من الرائي ، وأنه يرى حقيقة وليس مقابلا للرائي .

هذا قولهم في الرؤية وذلك قولهم في الكلام .

والبلية العظمى نسبة ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه جاء بهذا ودعا إليه الأمة ، وأنهم أهل الحق ، ومن عداهم أهل الباطل ، وجمهور العقلاء يقولون : إن تصور هذا المذهب كاف في الجزم في بطلانه ، وهو لا يتصور إلا كما تتصور المستحيلات الممتنعات ، وهذا المذهب مبني على مسألة إنكار قيام الأفعال والأمور الاختيارية بالرب تعالى ويسمونها مسألة حلول الحوادث ، وحقيقتها إنكار أفعاله وربوبيته إرادته ومشيئته .

التالي السابق


الخدمات العلمية