الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ؛ حرم الله قتل المؤمن؛ إلا أن يرتد بعد إيمانه ؛ أو يقتل مؤمنا متعمدا؛ أو يزني بعد إحصان؛ كذلك قال قتادة في تفسير هذه الآية؛ ومن قتل مظلوما ؛ أي: من غير أن يأتي بواحدة من هذه الثلاث؛ فقد جعلنا لوليه سلطانا ؛ الأجود إدغام الدال في الجيم؛ والإظهار جيد؛ بالغ؛ لأن الجيم من وسط اللسان؛ والدال من طرف اللسان؛ والإدغام جائز؛ لأن حروف وسط اللسان قد تقرب من حروف طرف اللسان؛ ووليه: الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه؛ فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه؛ و"سلطانا"؛ أي: "حجة".

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فلا يسرف في القتل ؛ القراءة الجزم؛ على النهي؛ ويقرأ بالياء؛ والتاء؛ جميعا؛ وتقرأ: "فلا يسرف"؛ بالرفع؛ والإسراف في القتل قد اختلف فيه؛ فقال أكثر الناس: "الإسراف": أن يقتل الولي غير قاتل صاحبه؛ وقيل: "الإسراف": أن يقتل هو القاتل دون السلطان؛ وكانت العرب إذا قتل منها السيد؛ وكان قاتله خسيسا؛ لم يرضوا بأن يقتل قاتله؛ وربما لم يرضوا أن يقتل واحد بواحد؛ حتى تقتل جماعة بواحد.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: إنه كان منصورا ؛ [ ص: 238 ] أي: إن القتيل إذا قتل بغير حق ؛ فهو منصور في الدنيا؛ والآخرة؛ فأما نصرته في الدنيا فقتل قاتله؛ وأما في الآخرة فإجزال الثواب له؛ ويخلد قاتله في النار؛ ومن قرأ: "فلا يسرف في القتل"؛ بالرفع؛ فالمعنى أن وليه ليس بمسرف في القتل إذا قتل قاتله؛ ولم يقبل الدية.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية