الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                [ ص: 345 ] الباب الثالــث

                                                                                                                في الطلاق

                                                                                                                تكتب في الطلاق قبل الدخول على ظهر الكتاب ، احترازا من إخراج البراءة المجهولة عن غير زوج ، فتتزوج بها وهي في عصمة زوج : طلق الزوج المسمى المحلى باطنه : فلان بن فلان ، امرأته فلانة ابنة فلان قبل الدخول بها وإصابته إياها طلقة واحدة أولى أو ثانية أو ثالثة على حسب حالها . بانت بها منه ، بحكم أنه لم يدخل بها ولم يصبها ، وبحكم ذلك تشطر الصداق المعقود عليه باطنه نصفين ، سقط عنه النصف ، فإن اختلفت بباقي الصداق : كتبت : سألت فلانة المسماة المحلاة باطنه فلانة ابنة فلان ، زوجها المسمى المحلى باطنه فلان بن فلان الذي لم يدخل بها ولم يصبها وتصادقا على ذلك ، أن يخالعها من عصمته ، وهو عقد نكاحه على ما يشترط لها من الصداق باطنه بعد الطلاق ، وهو كذا وكذا دينارا ، نصف جملة الصداق باطنه ، بطلقة واحدة أولى ، فأجابها إلى سؤالها ، وقبل منها العرض المذكور ، وطلقها عليه الطلقة المسئولة ، وبانت بها منه ، وملكت نفسها عليه ، وبحكم ذلك تشطر الصداق المعقود عليه باطنه نصفين ، سقط عنه النصف وبرئت ذمته من النصف الثاني بحكم هذا الاختلاع ، فإن بذل الولي العرض كتبت : سأل فلان بن فلان الولي باطنه ، فلانا وهو الزوج المسمى باطنه أن يخلع امرأته فلانة المسماة المحلاة باطنه التي لم يدخل بها ولم يصبها أو دخل بها أو أصابها وهي ابنة السائل المذكور أجنبية أو أخته شقيقته ، من عصمته وعقد نكاحه بطلقة واحدة أولى أو ثانية أو ثالثة ، على ما بذله في ذمته وهو كذا وكذا دينارا من ذلك [ ص: 346 ] ما هو حال : كذا ، وما هو مؤجل : كذا ، فأجابه إلى سؤاله ، وقبض منه العرض المذكور ، وطلق امرأته المذكورة طلقة واحدة أولى خلعى بانت بها منه ، وملكت نفسها عليه ، وبحكم هذا الطلاق تشطر الصداق المذكور نصفين ، سقط عنه النصف وبقي في ذمته النصف الثاني ، وأقر المطلق أنه قبض من السائل مبلغ الحال الذي اختلع له به ، واعترف أيضا أنه قبض نصف المعجل باطنه وصار بيده وقبضه ثم بعد تمام ذلك ولزومه أحال المطلق مطلقته المذكورة على ابنها بالمبلغ المؤجل وهو نظير نصف الصداق باطنه في جنسه وصفته واستحقاقه ، حوالة شرعية قبلها منه لها والدها بحكم أنها تحت حجره وكفالته متولى شرعا ، وبحكم ذلك وجب لها مطالبة أبيها ، وتؤرخ .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                وتكتب في الرجعي بعد الدخول : طلق الزوج المحلى المسمى باطنه فلان بن فلان الفلاني زوجته فلانة ابنة فلان التي دخل بها وأصابها وأولدها ولدا ذكرا يسمى كذا ، طلقة واحدة رجعية أولى أو ثانية تكون بها جارية في عصمته إلى انقضاء عدتها ، وإذا انقضت عدتها فلا سبيل له عليها ولا رجعة إلا بأمرها ورضاها وعقد جديد ، وبذلك شهد عليه في تاريخ كذا ، فإن ارتجعها كتبت : ثم بعد ذلك استرجع المطلق المذكور مطلقته ، أو تكتب : أقر فلان أنه استرجع مطلقته من الطلاق المذكور استرجاعا شرعيا ، وردها ، وملكها ، وصار حكمها حكم الزوجات ، وتؤرخ .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                وتكتب في الطلاق الثلاث : طلق فلان بن فلان امرأته فلانة ابنة فلان التي دخل بها وأصابها ، طلاقا ثلاثا بتاتا ، حرمت بذلك عليه فلا تحل له من بعد حتى [ ص: 347 ] تنكح زوجا غيره ، وإن طلقها من مدة : كتبت : أقر فلان أنه كان من كذا طلق فلانة ، أو تكتب إقرار المطلق المذكور بالطلاق المذكور : صدر عنه من مدة كذا ، وتؤرخ .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                تكتب إن اختلعت بصداقها : سألت فلانة المرأة الكامل ابنة فلان بن فلان ، زوجها على ما ذكر فلان بن فلان الذي اتصل بها وأصابها : أن يخلعها من عصمته وعقد نكاحه على مؤخر صداقها عليه الشاهد به كتابها المتقدر بحضوره ، وهو كذا دينارا ، فأجابها إلى سؤالها ، وقبل منها العوض المذكور ، وطلقها عليه طلقة واحدة أولى خلعا ، بانت بها منه وملكت نفسها عليه ، وأقرت أنها لا تستحق عليه كسوة ولا نفقة ولا حقا من الحقوق الشرعية كلها .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                تكتب في وكالة الطلاق عن الزوج : سألت فلانة المرأة الكامل ابنة فلان ، من فلان الفلاني الوكيل عن زوجها فلان بن فلان الوكيل عنه في طلاقها بالوكالة التي بيده ، التي جعل له فيها أن يطلق عنه امرأته المذكورة طلقة واحدة أولى خلعا على مؤخر صداقها عليه وهو كذا ، المشروح ذلك في الوكالة المؤرخة بكذا ، أن يطلقها عن موكله فلان المذكور طلقة واحدة أولى خلعا على جميع صداقها عليه وهو كذا ، فأجابها الوكيل إلى ذلك ، وقبل منها العرض المذكور ، وطلقها عن موكله طلقة واحدة أولى خلعا ، بانت بها منه وملكت نفسها عليه عن موكله ، وأقرت أنها لا تستحق عليه صداقا ولا بقية منه ولا نفقة ولا كسوة ، ولا حقا من الحقوق كلها .

                                                                                                                تنبيه : ينبغي في المبارأة أن تذكر علمها بما أبرأت منه مقدارا وجنسا [ ص: 348 ] وصفة ؛ لأن ( ش ) إن طلق الابن البالغ قبل البناء رجع نصف الصداق إلى أبيه إن كان قد تحمله ، ولو خالعها الابن على جميعه لكان النصف الثاني لابنه لأنه عوض الطلاق ، قاله عبد الملك ، وقال ابن القاسم : يرجع الجميع للأب لأنه باذله .

                                                                                                                فصــل

                                                                                                                في الإجبار على الرجعة : أشهد القاضي فلان بن فلان النائب بالبلد الفلاني أنه ثبت عنده من قبل شهادته وأجازه : أن فلان بن فلان طلق امرأته فلانة بعد بنائه عليها طلقة واحدة بغير خلع في زمان الخلع ، وأنه لم يتقدم له طلاق يمنعه من مراجعتها ، فأمر بارتجاعها لما ورد عن رسول الله لله من الأمر بذلك ، فامتنع من ارتجاعها ، وثبت امتناعه عنده ، فأجبره على الرجعة وقضى عليه بها ، وألزمه الطلاق المذكور ، شهد على إشهاد القاضي المذكور من يضع خطه آخره ، وذلك في يوم كذا .

                                                                                                                محضـر في إثبات استيطان الأب ، شهد من يضع خطه آخر هذا المحضر أنهم يعرفون فلان بن فلان معرفة صحيحة شرعية ، ويعلمون أنه استوطن بلد كذا مدة ستة أشهر متقدمة على تاريخ هذا المحضر ، واستقر فيها بماله وثقله ، واستقل استيطانه في البلد المذكور في علمهم إلى الآن ، ويعرفونه مستحق الحضانة ببينته فلان وفلان الذين هم مع أمهم فلانة في البلد كذا ، ولا يعلمونه انتقل عن هذه الصفة إلى حين إيقاعهم شهادتهم في هذا المحضر .

                                                                                                                [ ص: 349 ] فـرع

                                                                                                                قال ابن مغيث : أقل مدة الاستيطان التي يستحق بها الأب أخذ الولد من أمه : ستة أشهر ، وقال ابن الهندي : بل إذا أراد الانتقال ، ويحلف على ذلك ، وهو ظاهر كتاب إرخاء الستور ، وإن شاءت الأم تتبعهم ، ولا يمنعهم الأب من جواز البحر خوف تعذر زيارة الأم لقوله تعالى : ( هو الذي يسيركم في البر والبحر ) وقيل : يمنع .

                                                                                                                عقد لعـان : هذا ما أشهد فلان القاضي المتولي بالبلد الفلاني أن امرأة تسمت بفلانة بنت فلان قامت عنده فذكرت أن لها زوجا يسمى فلان بن فلان رماها أو نفى حملها ، وسألته النظر لها ، فنظر في ذلك نظرا أوجب إحضاره ووقفه على ما ادعته بعد أن ثبت عنده [ . . . ] من قبله وأجازه وثبت عنده قولها [ . . . ] زوجها منها [ . . . ] على قوله فقضى باللعان ، وأحضرهما بمحضر اللعان بالجامع بمدينة كذا . وشهدهما ، وأحضر لذلك عدولا ، وأمر الزوج فلانا بالبداءة باليمين ; لأنه قدمه في كتابه . فقام على قدميه واستقبل القبلة دبر صلاة العصر فحلف أربعة أيمان بما وجب أن يحلف به لمحضر ، وهو يشير إليها ، ثم خمس باللعنة ، ثم حلفت في ذلك الموقف فلانة أربعة أيمان بما وجب أن تحلف ، وخمست بالغضب ، وثبتت أيمان كل واحد منهما عند القاضي المذكور بمن قبل وأجاز ، ووقعت الفرقة بين المتلاعنين باللعان المذكور ، وحرم عليهما التناكح أبدا بالسنة ، وسقط بهذا نسب حمل فلان من فلان الملاعن ، وحكم القاضي فلان [ ص: 350 ] بجميع ذلك وأمضاه بعد الإعذار إليهما ، فلم يأت أحدهما بمدفع ، وشهد على إشهاد القاضي المذكور بما ذكر عنه في هذا في يوم كذا ، وتكتب ثلاث نسخ ، نسخة بيد القاضي ، ونسختان بيد الزوجين .

                                                                                                                عقد إيلاء : هذا ما أشهد القاضي فلان المتولي بالبلد الفلاني ، أن امرأة تسمت عنده بفلانة بنت فلان ، وذكرت أن لها زوجا آلى منها بترك المسيس أزيد من أربعة أشهر ، وسألته النظر لها بواجب الشرع العزيز ، فاقتضى نظره تكليفها إثبات الزوجية ، فثبتت عنده بمن قبله ، وأجازه على أعيان الزوجين ، وذكرت زوجها فلانا على ما ذكرته من الإيلاء فأقر به . وثبت عند القاضي فلان إقراره في مجلس نظره ، وأن يمينه وقعت بترك مسيسها منذ ستة أشهر وتمادى على ذلك فأمره بالفيئة ، وخيره بين أن يحنث نفسه ويبقى مع امرأته فلانة ، أو يألي فتطلق عليه ، فأبى الفيئة وتمادى على الامتناع وثبت امتناعه عنده بمن قبله ورضيه ، وعرض القاضي فلان على فلانة الصبر مع زوجها فأبته ودعته إلى القضاء بموجب الشرع الشريف فقضى على فلان بتطليق امرأته فلانة طلقة واحدة يملك فيها رجعتها إن فاء في عدتها ، وألزمه ذلك ، وأنفذ الحكم عليه به ، وأمر فلانة أن تعتد منه وحكم بذلك وأمضاه ، وأشهد عليه وعلى ثبوت ذلك عنده بعد أن أعذر إلى من يتعين الإعذار إليه ممن سمي فيه ، فلم يبد أحد منهم مدفعا ، وأبقى كل ذي حجة على حجته وهو في ذلك ثابت الحكم والقضاء ، ماضيهما .

                                                                                                                عقد الحكمين : هذا ما أشهد القاضي فلان بن فلان ، أن فلانة بنت فلان حضرت مجلس حكمه وقضائه ، فذكرت له أن زوجها فلان بن فلان يضر بها في نفسها ومالها ، وسألته النظر لها بموجب الشرع الشريف . فاقتضى نظره - أعزه الله - إحضار زوجها المذكور ، ووقفه على ما ذكرته عنه ، فتبرأ منه ، وذكر أنها هي المضرة به في نفسه وماله . فثبت عنده مقالهما جميعا بمن قبل وأجاز ، وأشكل عليه أمرهما ، فتكلم كل واحد منهما في صاحبه ، وثبتت عنده الزوجية بينهما [ ص: 351 ] وخاف شقاق بينهما ، ولم يجد في أهلهما من يصلح للتحكيم بينهما على مقتضى كتاب الله تعالى ، فبعث من قبله فلان بن فلان ، وفلان بن فلان لاجتماع شروط التحكيم فيهما ، بعثهما حكمين ليحكما بينهما بما ظهر لهما من فرقة أو اجتماع ، فثبت عند القاضي فلان بشهادة الحكمين أنهما رأيا أن يأخذ الزوج من امرأته فلانة كذا على أن طلقها عليه طلقة واحدة تملك بها المرأة نفسها ، بعد اجتماعهما على ذلك ، وأنفذ حكمهما بذلك لما رأياه من الصلاح لهما ، وثبت عنده قبض فلان لما أخذاه له من امرأته المذكورة ، وأعذر القاضي إليه في ذلك بما وجب أن يعذر إليه ، فلم يكن عنده مدفع ، فحكم له بذلك وأمضاه ، وأشهد عليه بجميع ذلك في يوم كذا في شهر كذا من سنة كذا ، وإن كان الزوج الظالم : قلت : وظهر للحكمين من النظر والاجتهاد في الحكومة والتحكم أن طلقا عليه امرأته فلانة بغير أخذ شيء منها له ، وإسقاط حق من حقوقها لما تبين لهما عدوانه عليها ، وطلقت فلانة واحدة ، وتكمل المكتوب .

                                                                                                                تنبيه : إذا اعترف بالطلاق وقال : هو واحدة ، وقالت المرأة : ثلاث ، فالمورق إنما يكتب في العادة ، واحدة ; لأنهم إنما يكتبون ما يسمعون من المقر لا من خصمه ، وقال بعض الفضلاء : ينبغي أن تكتب ما قالته المرأة أيضا حتى تؤاخذ بموجب إقرارها عند إرادة تحريك عقد مع هذا الزوج فيمنع من ذلك ، ومن المطالبة بموجباته ، وهو متجه .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية