الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) ولا يحل تناول ما ذبحه المحرم لأحد من الناس ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يحل للمحرم القاتل تناوله ، ويحل لغيره من الناس ، وحجته في ذلك أن معنى الذكاة في تسييل الدم النجس من الحيوان ، وشرط الحل التسمية ندبا أو واجبا على اختلاف الأصلين ، وذلك يتحقق من المحرم كما يتحقق من الحلال إلا أن الشرع حرم التناول على المحرم القاتل بطريق العقوبة ليكون زجرا له ، وهذا لا يدل على حرمة التناول في حق غيره كما يجعل المقتول ظلما حيا في حق القاتل حتى لا يرثه ، وهو ميت في حق غيره [ ص: 86 ] وحجتنا في ذلك قوله تعالى { لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } ، والفعل الموجب للحل مسمى باسم الذكاة شرعا فلما سماه قتلا هنا عرفنا أن هذا الفعل غير موجب للحل أصلا ، والدليل عليه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحاب أبي قتادة رضي الله تعالى عنهم هل أعنتم هل أشرتم هل دللتم ؟ فقالوا : لا فقال صلى الله عليه وسلم إذن فكلوا } فإذا ثبت بالأثر أن الإعانة من المحرم توجب الحرمة فمباشرة القتل هنا أولى فإن قيل كيف يصح هذا الاستدلال وعندكم الصيد لا يحرم تناوله بإشارة المحرم ودلالته قلنا فيه روايتان ، وقد بينا هما في الزيادات ، ومن ضرورة حرمة التناول عند الإشارة حرمة التناول عند مباشرة القتل فإن قام هذا الدليل على انتساخ هذا الحكم عند الإشارة فذلك لا يدل على انتساخه عند المباشرة ، والمعنى فيه أن هذا الاصطياد محرم لمعنى الدين ، ولهذا حرم التناول عليه فيكون نظير اصطياد المجوسي ، وذلك موجب للحرمة في حق الكل فهذا مثله .

التالي السابق


الخدمات العلمية