الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الركن الخامس : الصيغة ، ولا بد منها ، ويشترط أن لا يتخلل بين الإيجاب والقبول كلام أجنبي ، فإن تخلل كلام كثير ، بطل الارتباط بينهما ، وإن تخلل كلام يسير ، لم يضر على الصحيح .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        سألت زوجها طلاقا بعوض ، وارتدت عقب السؤال ثم أجابها ، فينظر ، إن كان قبل الدخول ، تنجزت الفرقة بالردة فلا مال عليها ولا طلاق . وإن كان بعد الدخول ، فالطلاق موقوف .

                                                                                                                                                                        فإن أصرت حتى انقضت العدة ، فلا مال ولا طلاق . وإن أسلمت قبلها ، تبينا وقوع الطلاق ولزمها المال ، وحسبت العدة من وقت الطلاق .

                                                                                                                                                                        ولو قالت له امرأتاه : طلقنا بألف ، ثم ارتدتا ثم أجابهما ، فإن لم يكن دخل بهما ، لغا الطلاق ، وكذا لو كان دخل بهما وأصرتا حتى انقضت العدة . وإن أسلمتا قبلها ، تبينا وقوع الطلاق عليهما . [ ص: 396 ] وهل العوض الواجب على كل واحدة مهر المثل ، أم نصف المسمى ، أم حصتها منه إذا وزع على مهر مثلهما ؟ فيه ثلاثة أقوال .

                                                                                                                                                                        أظهرها : الأول . وإن أصرت إحداهما وأسلمت الأخرى ، لم يقع الطلاق على المصرة ، ويقع على المسلمة ، وفيما يلزمها الأقوال . وفي وجه يلزمها كل المسمى ، حكاه الحناطي .

                                                                                                                                                                        ولو ارتدت إحداهما ثم أجابهما وكان قبل الدخول أو بعده وأصرت حتى انقضت العدة ، طلقت المسلمة دون المرتدة .

                                                                                                                                                                        ولو ابتدأ الزوج فقال طلقتكما بألف ، فارتدتا ، ثم قبلتا ، فإن لم يدخل بهما ، أو دخل وأصرتا ، لغا الخلع . وإن دخل بهما وأسلمتا في العدة ، طلقتا ، وإن أسلمت إحداهما وأصرت الأخرى ، لم تطلق واحدة منهما ، كما لو قبلت إحداهما دون الأخرى ، وقد سبق أنه إذا ابتدأ الزوج بالإيجاب ، فلا بد من قبولهما بخلاف ما إذا ابتدأتا .

                                                                                                                                                                        ولو خاطبهما كما ذكرنا وارتدت إحداهما ثم قبلتا ، فإن كانت المرتدة غير مدخول بها ، أو مدخولا بها وأصرت حتى انقضت العدة ، فلا طلاق فيهما .

                                                                                                                                                                        وإن أسلمت في العدة ، طلقتا . ولو ارتدتا بعد الدخول ثم قالتا : طلقنا بألف فأجابهما ثم أسلمتا ، طلقتا . وحكى الحناطي خلافا ، في أنه يقع رجعيا أم ببدل ، وهذا الخلاف عجيب .

                                                                                                                                                                        قلت : الصواب وقوعه بائنا ببدل ، كما أشار إليه الرافعي . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        [ ص: 397 ] فصل

                                                                                                                                                                        قال الزوج : خالعتك بألف درهم ، فقالت : قبلت الألف ، ففي " فتاوى القفال " أنه يصح ويلزم الألف وإن لم تقل : اختلعت . وكذا لو قال الأجنبي : خالعت زوجتي بألف ، فقال : قبلته .

                                                                                                                                                                        وإن أبا يعقوب غلط فقال في حق المرأة : يشترط قولها : اختلعت ، ولا يشترط في الأجنبي .

                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        قالت : طلقني على ألف ، فقال : طلقتك ، كفى وإن لم يسم المال ، كذا أطلقوه ، ويمكن جري خلاف فيه .

                                                                                                                                                                        ولو قال المتوسط لها : اختلعت نفسك منه بكذا ؟ فقالت : اختلعت ، ثم قال للزوج وهو في المجلس : خالعتها ؟ فقال : خالعت ، صح الخلع على المذهب ، وبه قطع البغوي .

                                                                                                                                                                        [ قال البغوي : ] ولو لم تسمع المرأة قول الزوج ، وسمع السفير كلامهما ، كفى ، والإسماع ليس بشرط ، ألا ترى أنه إذا خاطب أصم فأسمعه غير المخاطب وقبل ، صح العقد .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية