الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              2342 باب ركوب البدنة

                                                                                                                              وقال النووي: (باب جواز ركوب البدنة المهداة ، لمن احتاج إليها) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ص 73- 74 ج9 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة. فقال: "اركبها" قال: يا رسول الله! إنها بدنة. فقال: "اركبها. ويلك" في الثانية، أو في الثالثة .

                                                                                                                              [ ص: 570 ] وفي رواية المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي بهذا الإسناد (وقال: بينما رجل يسوق بدنة مقلدة) .].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن أبي هريرة) رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا) .

                                                                                                                              قال الحافظ: لم أقف على اسمه ، بعد طول البحث.

                                                                                                                              (يسوق بدنة. فقال: " اركبها " قال: يا رسول الله ! إنها بدنة.

                                                                                                                              فقال: " اركبها. ويلك ! " في الثانية ، أو في الثالثة) .

                                                                                                                              أي: بدنة مهداة إلى البيت الحرام ، ولو كان مراده: الإخبار عن كونها (بدنة) ، لم يكن الجواب مفيدا. لأن كونها من الإبل معلوم.

                                                                                                                              فالظاهر: أن الرجل ظن أنه: خفي على النبي صلى الله عليه وسلم كونها هديا. فقال: إنها بدنة.

                                                                                                                              قال في (الفتح) : والحق أنه لم يخف ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، لكونها كانت مقلدة. ولهذا قال لما زاد في مراجعته: "ويلك ". انتهى.

                                                                                                                              وفي الرواية الأخرى: (ويلك ! اركبها. ويلك ! اركبها) .

                                                                                                                              قال النووي: هذه الكلمة ، أصلها لمن وقع في هلكة. فقيل: لأنه كان محتاجا ، قد وقع في تعب وجهد.

                                                                                                                              [ ص: 571 ] وقيل: هي كلمة ، تجري على اللسان ، وتستعمل من غير قصد إلى ما وضعت له أولا ، بل تدعم بها العرب كلامها ، كقولهم: "لا أم له ". (لا أب له) . (تربت يداه) . (قاتله الله) . (ما أشجعه !) . (وعقرى حلقى) . وما أشبه ذلك. انتهى.

                                                                                                                              وهذا الحديث ، يدل على جواز ركوب الهدي ، من غير فرق بين ما كان منه واجبا ، أو تطوعا ، لتركه من الاستفصال.

                                                                                                                              وبه قال عروة بن الزبير ، ونسبه ابن المنذر إلى أحمد وإسحاق. وبه قال أهل الظاهر. وجزم به النووي " رحمه الله " ، وجماعة من أصحاب الشافعي ; كالقفال ، والماوردي.

                                                                                                                              وحكى ابن عبد البر: عن الشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، وأكثر الفقهاء: كراهة ركوبه لغير حاجة.

                                                                                                                              وحكاه الترمذي أيضا: عن أحمد ، وإسحاق ، والشافعي.

                                                                                                                              وقيل: يركب للضرورة. وإذا اضطر، ركوبا غير فادح.

                                                                                                                              ويدل على اعتبار الضرورة ، حديث جابر: (اركبها بالمعروف ، إذا ألجئت إليها) .

                                                                                                                              وعن بعض أهل الظاهر: وجوب الركوب ، تمسكا بظاهر الأمر ، [ ص: 572 ] ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية: من البحيرة والسائبة.

                                                                                                                              واختلف من أجاز الركوب: هل يجوز أن يحمل عليها متاعه ؟ فمنعه مالك ، وأجازه الجمهور مع حمل الغير عليه.

                                                                                                                              ونقل عياض: الإجماع على أنه لا يؤجرها.

                                                                                                                              قال مالك: لا يشرب من لبنه ، فإن شرب لم يغرم. وقالت الحنفية والشافعية: يتصدق به ، فإن أكله تصدق بثمنه. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية