الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          829 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب بن خلاد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم بالإهلال والتلبية قال وفي الباب عن زيد بن خالد وأبي هريرة وابن عباس قال أبو عيسى حديث خلاد عن أبيه حديث حسن صحيح وروى بعضهم هذا الحديث عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يصح والصحيح هو عن خلاد بن السائب عن أبيه وهو خلاد بن السائب بن خلاد بن سويد الأنصاري

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( فأمرني أن آمر أصحابي ) أمر ندب عند الجمهور ووجوب عند الظاهرية ( بالإهلال أو بالتلبية ) المراد بالإهلال التلبية على طريق التجريد ؛ لأن معناه رفع الصوت بالتلبية وكلمة " أو " للشك قاله أبو الطيب والحديث يدل على استحباب رفع الصوت بالتلبية ، وهو قول الجمهور ، وروى [ ص: 479 ] البخاري في صحيحه عن أنس : قال : صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة الظهر أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين وسمعتهم يصرخون بهما جميعا ؛ وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني قال : كنت مع ابن عمر فلبى حتى أسمع ما بين الجبلين . وأخرجه أيضا بإسناد صحيح من طريق المطلب بن عبد الله قال : كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرفعون أصواتهم بالتلبية حتى تبح أصواتهم ، كذا في فتح الباري .

                                                                                                          قال ابن الهمام : رفع الصوت بالتلبية سنة فإن تركه كان مسيئا ولا شيء عليه ولا يبالغ فيه فيجهد نفسه كي لا يتضرر . ثم قال ولا يخفى أنه لا منافاة بين قولنا لا يجهد نفسه بشدة رفع الصوت ، وبين الأدلة الدالة على استحباب رفع الصوت بشدة إذ لا تلازم بين ذلك وبين الإجهاد . إذ قد يكون الرجل جهوري الصوت عاليه طبعا ، فيحصل الرفع العالي مع عدم تعبه به ، انتهى .

                                                                                                          قال الشوكاني في النيل وذهب داود إلى أن رفع الصوت واجب وهو ظاهر قوله : ( فأمرني أن آمر أصحابي ) لا سيما وأفعال الحج وأقواله بيان لمجمل واجب هو قول الله تعالى : ولله على الناس حج البيت وقوله -صلى الله عليه وسلم- : خذوا عني مناسككم ، انتهى . وقال فيه وخرج بقوله : ( أصحابي ) النساء فإن المرأة لا تجهر بها ، بل تقتصر على إسماع نفسها ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( حديث خلاد عن أبيه حديث حسن صحيح ) وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأخرجه أيضا مالك في الموطأ ، والشافعي عنه وابن حبان والحاكم والبيهقي وصححوه .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن زيد بن خالد ) أخرجه ابن ماجه بلفظ : " جاءني جبريل فقال يا محمد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج " ( وأبي هريرة ) أخرجه الحاكم ( وابن عباس ) أخرجه أحمد .

                                                                                                          [ ص: 480 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية