الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          134 - فصل

                          [ إذا ماتت إحدى المختارات فله أن ينكح أخرى من البواقي ] .

                          وإن اختار أربعا ، وفارق البواقي فماتت إحدى المختارات ، أو بانت منه ، وانقضت عدتها فله أن ينكح من المفارقات تمام أربع ، وتكون عنده على طلاق ثلاث لأنهن لم يطلقهن قبل ذلك .

                          وإن اختار أقل من أربع ، بأن اختار واحدة من ثمان ، أو اختار ترك الجميع فقال في " المغني " : أمر بطلاق أربع ، أو تمام أربع ، يعني : أمر بطلاق أربع فيما إذا اختار ترك الثمان ، أو بتمام أربع فيما إذا اختار واحدة وترك السبع . قال : لأن الأربع زوجات لا يبن منه إلا بطلاق أو ما يقوم مقامه .

                          قلت : اختياره ترك الجميع ، أو الأكثر كاف في فسخ نكاحهن ، فلأي شيء يؤمر بطلاق أربع في إحدى الصورتين ، وتمام أربع في الصورة الثانية ؟

                          [ ص: 751 ] أما قوله : " لأن الأربع زوجات لا يبن منه إلا بطلاق أو ما يقوم مقامه " فلا ريب أن اختياره تركهن قائم مقام الطلاق في إحدى الصورتين ، فإنه إذا قال : " اخترت تركهن " كان بمنزلة قوله : " اخترت فراقهن " ، وهذا كاف في مفارقتهن ، واختياره بعضهن فسخ لنكاح من عدا المختارات ، فإن قوله : " اخترت هذه " هو اختيار لها ، ومفارقة لمن عداها ، كما لو قال : " اخترت هؤلاء الأربع " فإنه لا يلزمه أن يطلق الأربع البواقي ، بل بمجرد اختياره للأربع تبين منه البواقي .

                          فإن قيل : الفرق بين الصورتين أنه إذا اختار أربعا كن هن الزوجات ، فانفسخ نكاح من سواهن لزيادتهن على النصاب فلا يحتاج أن يطلقهن ، ولا ينشئ ما يقوم مقام طلاقهن ، بخلاف ما إذا اختار واحدة من ثمان فإنه لا يكون اختيارها فراقا لمن عداها ، فلهذا أمرناه بطلاق أربع أو تمام أربع ، قيل : هذا لا يصح أولا لأنه قد يريد فراق الجميع أو من عدا المختارة ، فكيف يؤمر بطلاق أربع وهو يريد فراق الثمان ؟ هذا لا معنى له .

                          وقوله : " اخترت تركهن ومفارقتهن " ونحو ذلك قائم مقام الطلاق ، وكاف في فسخ نكاحهن .

                          وأيضا فإن قوله : " اخترت هذه " جعل إبقاء لنكاح المختارة ، وفسخا لنكاح من عداها كما لو قال : " اخترت هؤلاء الأربع " .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية