الفصل السادس
nindex.php?page=treesubj&link=28143فيما يحمله الإمام عن المأمومين .
واتفقوا على أنه لا يحمل الإمام عن المأموم شيئا من فرائض الصلاة ما عدا القراءة ، فإنهم اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال : أحدها : أن المأموم يقرأ مع الإمام فيما أسر فيه ولا يقرأ معه فيما جهر به . والثاني : أنه لا يقرأ معه أصلا . والثالث : أنه يقرأ فيما أسر أم الكتاب ، وغيرها ، وفيما جهر أم الكتاب فقط ، وبعضهم فرق في الجهر بين أن يسمع قراءة الإمام أو لا يسمع ، فأوجب عليه القراءة إذا لم يسمع ، ونهاه عنها إذا سمع ، وبالأول قال
مالك ، إلا أنه يستحسن له القراءة فيما أسر فيه الإمام .
وبالثاني قال
أبو حنيفة ، وبالثالث : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، والتفرقة بين أن يسمع أو لا يسمع هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل .
والسبب في اختلافهم : اختلاف الأحاديث في هذا الباب وبناء بعضها على بعض ، وذلك أن في ذلك أربعة أحاديث : أحدها : قوله - عليه الصلاة والسلام - "
لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " ، وما ورد من الأحاديث في هذا المعنى مما ذكرناه في باب وجوب القراءة .
والثاني : ما روى
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ؟ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005903انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال : هل قرأ معي منكم أحد آنفا ، فقال رجل : نعم أنا يا رسول الله ، فقال رسول الله : إني أقول ما لي أنازع القرآن " فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
والثالث : حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005904صلى بنا رسول الله صلاة الغداة ، فثقلت عليه القراءة .
فلما انصرف قال : إني لأراكم تقرءون وراء الإمام ، قلنا : نعم ، قال : فلا تفعلوا إلا بأم القرآن " قال
أبو عمر : وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت هنا من رواية
مكحول ، وغيره متصل السند صحيح .
والحديث الرابع : حديث
جابر عن النبي - عليه الصلاة والسلام - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005905من كان له إمام فقراءته له قراءة " وفي هذا أيضا حديث خامس صححه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل ، وهو ما روي أنه قال - عليه الصلاة والسلام : - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005906إذا قرأ الإمام فأنصتوا " فاختلف الناس في وجه جمع هذه الأحاديث .
[ ص: 132 ] فمن الناس من استثنى من النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=1533القراءة فيما جهر فيه الإمام قراءة أم القرآن فقط على حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت . ومنهم من استثنى من عموم قوله - عليه الصلاة والسلام - "
لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " المأموم فقط في صلاة الجهر لمكان النهي الوارد عن القراءة فيما جهر فيه الإمام في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وأكد ذلك بظاهر قوله تعالى (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=204وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون ) قالوا : وهذا إنما ورد في الصلاة . ومنهم من استثنى القراءة الواجبة على المصلي المأموم فقط سرا كانت الصلاة أو جهرا ، وجعل الوجوب الوارد في القراءة في حق الإمام والمنفرد فقط مصيرا إلى حديث
جابر ، وهو مذهب
أبي حنيفة ، فصار عنده حديث
جابر مخصصا لقوله - عليه الصلاة والسلام - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005907واقرأ ما تيسر معك فقط " ; لأنه لا يرى وجوب قراءة أم القرآن في الصلاة ، وإنما يرى وجوب القراءة مطلقا على ما تقدم ، وحديث
جابر لم يروه مرفوعا إلا
جابر الجعفي ، ولا حجة في شيء مما ينفرد به . قال
أبو عمر : وهو حديث لا يصح إلا مرفوعا عن
جابر .
الْفَصْلُ السَّادِسُ
nindex.php?page=treesubj&link=28143فِيمَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَنِ الْمَأْمُومِينَ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْمِلُ الْإِمَامُ عَنِ الْمَأْمُومِ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ مَا عَدَا الْقِرَاءَةَ ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ وَلَا يَقْرَأُ مَعَهُ فِيمَا جَهَرَ بِهِ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ مَعَهُ أَصْلًا . وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ يَقْرَأُ فِيمَا أَسَرَّ أُمَّ الْكِتَابِ ، وَغَيْرَهَا ، وَفِيمَا جَهَرَ أُمَّ الْكِتَابِ فَقَطْ ، وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ فِي الْجَهْرِ بَيْنَ أَنْ يَسْمَعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَوْ لَا يَسْمَعَ ، فَأَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ إِذَا لَمْ يَسْمَعْ ، وَنَهَاهُ عَنْهَا إِذَا سَمِعَ ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ
مَالِكٌ ، إِلَّا أَنَّهُ يَسْتَحْسِنُ لَهُ الْقِرَاءَةَ فِيمَا أَسَرَّ فِيهِ الْإِمَامُ .
وَبِالثَّانِي قَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ ، وَبِالثَّالِثِ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَسْمَعَ أَوْ لَا يَسْمَعَ هُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ : اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِنَاءُ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ : أَحَدُهَا : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "
لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " ، وَمَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي بَابِ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ .
وَالثَّانِي : مَا رَوَى
مَالِكٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ؟ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005903انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةٍ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَقَالَ : هَلْ قَرَأَ مَعِي مِنْكُمْ أَحَدٌ آنِفًا ، فَقَالَ رَجُلٌ : نَعَمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنِّي أَقُولُ مَا لِي أُنَازَعُ الْقُرْآنَ " فَانْتَهَى النَّاسُ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَالثَّالِثُ : حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005904صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَاةَ الْغَدَاةِ ، فَثَقُلَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ .
فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ : إِنِّي لَأَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ الْإِمَامِ ، قُلْنَا : نَعَمْ ، قَالَ : فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ " قَالَ
أَبُو عُمَرُ : وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ هُنَا مِنْ رِوَايَةِ
مَكْحُولٍ ، وَغَيْرِهِ مُتَّصِلُ السَّنَدِ صَحِيحٌ .
وَالْحَدِيثُ الرَّابِعُ : حَدِيثُ
جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005905مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ فَقِرَاءَتُهُ لَهُ قِرَاءَةٌ " وَفِي هَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ خَامِسٌ صَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005906إِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا " فَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وَجْهِ جَمْعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ .
[ ص: 132 ] فَمِنَ النَّاسِ مَنِ اسْتَثْنَى مِنَ النَّهْيِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=1533الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ قِرَاءَةَ أُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ عَلَى حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ . وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "
لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ " الْمَأْمُومَ فَقَطْ فِي صَلَاةِ الْجَهْرِ لِمَكَانِ النَّهْيِ الْوَارِدِ عَنِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا جَهَرَ فِيهِ الْإِمَامُ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=204وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) قَالُوا : وَهَذَا إِنَّمَا وَرَدَ فِي الصَّلَاةِ . وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَثْنَى الْقِرَاءَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُصَلِّي الْمَأْمُومِ فَقَطْ سِرًّا كَانَتِ الصَّلَاةُ أَوْ جَهْرًا ، وَجَعَلَ الْوُجُوبَ الْوَارِدَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ فَقَطْ مَصِيرًا إِلَى حَدِيثِ
جَابِرٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
أَبِي حَنِيفَةَ ، فَصَارَ عِنْدَهُ حَدِيثُ
جَابِرٍ مُخَصِّصًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005907وَاقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ فَقَطْ " ; لِأَنَّهُ لَا يَرَى وُجُوبَ قِرَاءَةِ أُمِّ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنَّمَا يَرَى وُجُوبَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَحَدِيثُ
جَابِرٍ لَمْ يَرْوِهِ مَرْفُوعًا إِلَّا
جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ ، وَلَا حُجَّةَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِهِ . قَالَ
أَبُو عُمَرَ : وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ إِلَّا مَرْفُوعًا عَنْ
جَابِرٍ .