الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1467 - مسألة : ولا يحل لأحد أن يسوم على سوم آخر ، ولا أن يبيع على بيعه - المسلم ، والذمي سواء - فإن فعل فالبيع مفسوخ ، فإن وقف سلعته لطلب الزيادة ، أو قصد الشراء ممن باعه لا من إنسان بعينه ، لكن محتاطا لنفسه جازت المزايدة حينئذ هذا إذا لم يبتد بسوم آخر فقط ، فإن بدأ بمساومة إنسان بعينه فلم يزده المشتري على أقل من القيمة ووقف على ذلك فلغيره أن يبلغه إلى القيمة وأكثر حينئذ .

                                                                                                                                                                                          وكذلك لو طلب البائع أكثر من القيمة ولم يجب إلى القيمة أصلا فلغيره حينئذ أن يعرض على المشتري سلعته بقيمتها وبأقل .

                                                                                                                                                                                          برهان ذلك - : ما رويناه من طريق مالك عن نافع ، وأبي الزناد ، قال أبو الزناد ، [ ص: 371 ] عن الأعرج عن أبي هريرة ، وقال نافع : عن ابن عمر ، ثم اتفق أبو هريرة ، وابن عمر ، كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يبع بعضكم على بيع بعض } .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا يبع أحدكم على بيع أخيه } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا خبر معناه الأمر ; لأنه لو كان معناه الخبر لكان كذبا لوجود خلافه ، والكذب مقطوع ببعده عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا يجيزه عليه إلا كافر حلال دمه .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق شعبة عن الأعمش عن أبي صالح - هو السمان - عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { لا يسم المسلم على سوم المسلم } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : هذا بعض ما في حديث أبي هريرة ، وابن عمر ; لأن البيع على البيع يدخل فيه السوم ضرورة ; لأنه لا يمكن البيع ألبتة إلا بعد سوم ، ولا يكون السوم ألبتة إلا للبيع ، وإلا فليس سوما ، فإذا حرم البيع حرم السوم عليه ، وإذا حرم السوم حرم البيع ضرورة .

                                                                                                                                                                                          ولا يجوز السوم بما لا يجوز بيعه كبيع الحر والسوم فيه ، وفي الربا - وبهذا قال بعض الصحابة رضي الله عنهم . [ ص: 372 ]

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وقال مالك : إنما هذا إذا ركنا وتقاربا - وهذا تفسير لا يدل عليه لفظ الحديث ، فأما من أوقف سلعته طلب الزيادة فيه أو طلب بيع يسترخصه فليس مساوما لإنسان بعينه ، فلا يلزمه هذا النهي ، وأما من رأى المساوم أو المبايع لا يريد الرجوع إلى القيمة ، لكن يريد غبن صاحبه بغير علمه فهذا فرض عليه نصيحة المسلم ، فقد خرج عن هذا النهي أيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الدين النصيحة } .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق وكيع عن حزام بن هشام الخزاعي عن أبيه شهدت عمر بن الخطاب باع إبلا من إبل الصدقة فيمن يزيد .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن المغيرة بن شعبة : أنه باع المغانم فيمن يزيد - ومن طريق ابن أبي شيبة أنا معتمر بن سليمان عن الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك عن رجل من الأنصار : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا فيمن يزيد } .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية