الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الباب الرابع في سؤال المرأة الطلاق بمال ، باختلاع الأجنبي .

                                                                                                                                                                        فيه أطراف .

                                                                                                                                                                        الأول : في ألفاظها وفيه مسائل .

                                                                                                                                                                        الأولى : إذا قالت : طلقني بكذا ، أو على كذا ، أو على أن علي كذا ، أو على أن أعطيك كذا ، أو أن أضمن لك ، أو إن طلقتني ، أو إذا طلقتني ، أو متى طلقتني ، فلك علي كذا ، فهذه كلها صيغ صحيحة في الالتزام ، ويختص الجواب في [ ص: 416 ] المجلس بلا خلاف ، في " متى " وغيرها ، بخلاف قول الرجل : متى أعطيتني ، وقد سبق الفرق .

                                                                                                                                                                        الثانية : قالت : إن طلقتني فابرأ من صداقي ، أو فقد أبرأتك ، فقال : طلقتك ، وقع الطلاق رجعيا ولم يبرأ من الصداق ؛ لأن الإبراء لا يصح تعليقه ، وطلاق الزوج طمعا في البراءة من غير لفظ صحيح في الالتزام لا يوجب عوضا ، وهذا تفريع على الجديد ، الأظهر أن تعليق الإبراء لا يصح ، وكان لا يبعد أن يقال : طلق طمعا في عوض ، ورغبت هي في الطلاق بالبراءة فيكون فاسدا كالخمر .

                                                                                                                                                                        الثالثة : قالت : طلقني ولك علي ألف ، فقال طلقتك ، بانت ولزمها الألف ؛ لأنها صيغة التزام . وقيل : لا يثبت العوض ، بل إن اقتصر على قوله : طلقتك ، وقع رجعيا ، وإن قال : طلقتك على ألف ، احتاج إلى قبولها ، والصحيح الأول .

                                                                                                                                                                        قال المتولي : ويقرب من هذا قولها : طلقني وأضمن لك ألفا . ولو قالت : وأعطيك ألفا ، فالأصح أنه إذا طلقها مطلقا ، وقع رجعيا ؛ لأن لفظ الضمان يشعر بالالتزام ، بخلاف الإعطاء ولم يطردوا الوجه المذكور هنا في الجعالة ، بل لو قال : رد عبدي ولك علي كذا ، فرده ، لزم المال بلا خلاف ، ولو قال المشتري : بعني هذا ولك علي كذا ، فقال : بعت ، فوجهان : أحدهما : ينعقد كالاختلاع والجعالة ، وهذا هو المذكور في فتاوى القفال ، والثاني : لا ؛ لأنه يحتمل فيها ما لا يحتمل في البيع ، كالتعليق ، وفيما علق عن الإمام ، أن هذا أصح .

                                                                                                                                                                        ويشبه أن يكون الوجهان في أنه هل هو صريح ؟ فأما كونه كناية ، فينبغي أن يكون متفقا عليه .

                                                                                                                                                                        الرابعة : قالت : طلقني على ألف ، أو أتت بصيغة أخرى صريحة في الالتزام ، [ ص: 417 ] فإن أجابها وأعاد ذكر المال ، فذاك ، وإن اقتصر على قوله : طلقتك ، كفى وانصرف إلى السؤال على الصحيح ، وقيل : يقع الطلاق رجعيا ولا مال .

                                                                                                                                                                        ولو قال : قصدت الابتداء دون الجواب ، قبل وكان رجعيا ، فإن اتهمته ، حلفته .

                                                                                                                                                                        الخامسة : اللفظ الدائر بين الزوجين ، إن كان صريحا منهما ، فذاك ، وإن كان لفظهما كناية ، بأن قالت : أبني ، قال : أبنتك ، فإن نويا الطلاق ، نفذ ولزم المال إن ذكرا مالا .

                                                                                                                                                                        وإن لم ينو الزوج ، فلا فرقة ، وإن نوى دونها ، نظر ، إن جرى ذكر المال في السؤال والجواب ، لم يقع الطلاق ؛ لأنه ربط الطلاق بالمال وهي لم تسأل الفراق ، ولم تلتزم المال في مقابلته ، وإن لم يجر ذكر المال في الطرفين وقع طلاق رجعي ، وإن ذكر هو المال دونها ، فلا طلاق ؛ لأنها لم تسأل فرقة ، وهو إنشاء فرقة على مال ، ولم يتصل به قبول .

                                                                                                                                                                        وإن ذكرت هي المال ، فقالت : أبني على ألف ، فقال : أبنتك ، فلا طلاق على الأصح ، كما لو ذكر المال . وقيل : يقع رجعيا كما لو قال : قصدت الابتداء دون الجواب ، فإنه يقع رجعيا قطعا .

                                                                                                                                                                        أما إذا كان لفظ أحدهما صريحا والآخر كناية ، فالكناية مع النية كالصريح ، ودون النية لغو .

                                                                                                                                                                        وعن ابن خيران ، أنها لو قالت : طلقني فقال : أبنتك ونوى ، لم يقع ؛ لأن الصريح أقوى ، فالمأتي به غير المسئول ، والصحيح الأول .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية