الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إنه كان عبدا شكورا

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن مردويه عن أبي فاطمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "كان نوح لا يحمل شيئا صغيرا ولا كبيرا إلا قال : باسم الله والحمد لله . فسماه الله عبدا شكورا" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن سلمان قال : كان نوح إذا لبس ثوبا أو طعم طعاما حمد الله، فسمي عبدا شكورا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، عن سعد بن مسعود الثقفي الصحابي قال : إنما سمي نوح عبدا شكورا لأنه كان إذا أكل أو شرب أو لبس ثوبا حمد الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 248 ] وأخرج ابن أبي الدنيا، والبيهقي في "شعب [255و] الإيمان"، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن نوحا لم يقم عن خلاء قط إلا قال : الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى منفعته في جسدي، وأخرج عني أذاه" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" عن العوام قال : حدثت أن نوحا كان يقول : الحمد لله الذي أذاقني لذته، وأبقى في منفعته، وأذهب عني أذاه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن أصبغ بن زيد، أن نوحا كان إذا خرج من الكنيف قال ذلك، فسمي عبدا شكورا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم التيمي، أن نوحا كان إذا خرج من الغائط قال : الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" عن إبراهيم قال : شكره أن يسمي إذا أكل، ويحمد الله إذا فرغ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن مجاهد في قوله : إنه كان عبدا شكورا . قال : لم يأكل شيئا قط إلا حمد الله، ولم يشرب [ ص: 249 ] شرابا قط إلا حمد الله عليه، ولم يمش مشيا قط إلا حمد الله عليه، ولم يبطش بشيء قط إلا حمد الله عليه، فأثنى الله عليه : إنه كان عبدا شكورا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد في "الزهد"، وابن أبي الدنيا، والبيهقي في "الشعب"، عن محمد بن كعب القرظي قال : كان نوح إذا أكل قال : الحمد لله . وإذا شرب قال : الحمد لله . وإذا لبس قال : الحمد لله . وإذا ركب قال : الحمد لله . فسماه الله عبدا شكورا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن أنس الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إنما سمى الله نوحا عبدا شكورا؛ لأنه كان إذا أمسى وأصبح قال : سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون، وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن علي ، أنه قال : حق الطعام أن يقول العبد : باسم الله، اللهم بارك لنا فيما رزقتنا . وشكره أن يقول : الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن تميم بن سلمة قال : حدثت أن الرجل إذا ذكر [ ص: 250 ] اسم الله على طعامه، وحمده على آخره، لم يسأل عن نعيم لذة الطعام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والترمذي ، وابن ماجه ، والطبراني في "الدعاء"، والحاكم ، عن عمر بن الخطاب، أنه لبس ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي . ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من لبس ثوبا جديدا فقال : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي . ثم عمد إلى الثوب الذي خلق فتصدق به، كان في كنف الله، وفي حفظ الله، وفي ستر الله، حيا وميتا" . قالها ثلاثا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا لبس أحدكم ثوبا جديدا، فليقل : الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في الناس" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن عون بن عبد الله قال : لبس رجل ثوبا جديدا، فحمد الله، فأدخل الجنة، أو غفر له .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية