الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ومن كان في هذه أعمى ؛ أي: في هذه الدنيا؛ فهو في الآخرة أعمى ؛ وهذا من عمى القلب؛ أي: هو في الآخرة أشد عمى؛ وتأويله أنه إذا عمي في الدنيا؛ وقد عرفه - جل وعلا -؛ وجعل له إلى التوبة وصلة؛ وفسح له في ذلك إلى وقت مماته؛ فعمي عن رشده ولم يتب؛ ففي الآخرة لا يجد متابا؛ ولا متخلصا مما هو فيه؛ فهو في الآخرة أشد عمى وأضل سبيلا ؛ أي: وأضل طريقا؛ لأنه لا يجد طريقا إلى الهداية؛ فقد حصل على عمله.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره ؛ معنى الكلام: "كادوا يفتنونك؛ ودخلت "إن"؛ واللام للتوكيد؛ وتأويله أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا نتركك تستلم الحجر حتى تلم بآلهتنا"؛ فقال - صلى الله عليه وسلم - في نفسه: "وما علي أن أفعل ذلك؛ والله يعلم ما في نفسي؛ وأتمكن من استلام الحجر ؟!" ؛ هذا مما جاء في التفسير .

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 254 ] وجاء في التفسير أيضا أن المشركين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: اطرد عنك سقاط الناس ومواليهم؛ وهؤلاء الذين رائحتهم رائحة الضأن؛ وذلك أنهم كانوا يلبسون الصوف؛ فقالوا: اطرد هؤلاء إن كنت أرسلت إلينا؛ حتى تجلس إلينا ونسمع منك؛ فهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل في ذلك ما يستدعي به إسلامهم؛ فتوعده الله - عز وجل - فيه أشد الوعيد؛ وعصمه الله من أن يمضي ما عزم عليه ؛ فقال: وإذا لاتخذوك خليلا ؛ أي: إن فعلت ما أرادوا لاتخذوك خليلا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية