الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1885 ) مسألة : قال : ( وليس في حلي المرأة زكاة إذا كان مما تلبسه أو تعيره ) هذا ظاهر المذهب . وروي ذلك عن ابن عمر ، وجابر ، وأنس ، وعائشة ، وأسماء رضي الله عنهم وبه قال القاسم ، والشعبي ، وقتادة ، ومحمد بن علي ، وعمرة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو عبيد ، وإسحاق ، وأبو ثور . وذكر ابن أبي موسى عن أحمد رواية أخرى ، أنه فيه الزكاة . وروي ذلك عن عمر ، وابن مسعود ، وابن عباس ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وسعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، ومجاهد ، وعبد الله بن شداد ، وجابر بن زيد ، وابن سيرين ، وميمون بن مهران ، والزهري ، والثوري ، وأصحاب الرأي ; لعموم قوله عليه السلام { في الرقة ربع العشر ، وليس فيما دون خمس أواق صدقة . } مفهومه أن فيها صدقة إذا بلغت خمس أواق . وعن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : { أتت امرأة من أهل اليمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها في يديها مسكتان من ذهب ، فقال : هل تعطين زكاة هذا ؟ قالت : لا . قال : أيسرك أن يسورك الله بسوارين من نار ؟ } . رواه أبو داود . ولأنه من جنس الأثمان ، أشبه التبر . وقال مالك : يزكى عاما واحدا . وقال الحسن ، وعبد الله بن عتبة ، وقتادة : زكاته عاريته . قال أحمد : خمسة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : ليس في الحلي زكاة . ويقولون : زكاته عاريته . ووجه الأول ، ما روى عافية بن أيوب ، عن الليث بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { ليس في الحلي زكاة } . ولأنه مرصد لاستعمال مباح ، فلم تجب فيه الزكاة ، كالعوامل ، وثياب القنية . وأما الأحاديث الصحيحة التي احتجوا بها ، فلا تتناول محل النزاع ; لأن الرقة هي الدراهم المضروبة . قال أبو عبيد : لا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب إلا على الدراهم المنقوشة ، ذات السكة السائرة في الناس . وكذلك الأواقي ليس معناها إلا الدراهم كل أوقية أربعون درهما . وأما حديث المسكتين ، فقال أبو عبيد : لا نعلمه إلا من وجه قد تكلم الناس فيه قديما وحديثا . وقال الترمذي : ليس يصح في هذا الباب [ ص: 323 ] شيء . ويحتمل أنه أراد بالزكاة إعارته ، كما فسره به بعض العلماء ، وذهب إليه جماعة من الصحابة وغيرهم والتبر غير معد للاستعمال ، بخلاف الحلي . وقول الخرقي " إذا كان مما تلبسه أو تعيره " . يعني أنه إنما تسقط عنه الزكاة إذا كان كذلك أو معدا له فأما المعد للكرى أو النفقة إذا احتيج إليه ، ففيه الزكاة ; لأنها إنما تسقط عما أعد للاستعمال ، لصرفه عن جهة النماء ، ففيما عداه يبقى على الأصل ، وكذلك ما اتخذ حلية فرارا من الزكاة لا يسقط عنه . ولا فرق بين كون الحلي المباح مملوكا لامرأة تلبسه أو تعيره ، أو لرجل يحلي به أهله ، أو يعيره أو يعده لذلك ; لأنه مصروف عن جهة النماء إلى استعمال مباح ، أشبه حلي المرأة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية