الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 284 ] قوله تعالى : من كان يريد العاجلة الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : من كان يريد العاجلة . قال : من كان يريد بعمله الدنيا، عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ذاك به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن قتادة في قوله : من كان يريد العاجلة . قال : من كانت الدنيا همه ورغبته وطلبته ونيته، عجل الله له فيها ما يشاء، ثم اضطره إلى جهنم، يصلاها مذموما في نقمة الله، مدحورا في عذاب الله . وفي قوله : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا . قال : شكر الله له اليسير، وتجاوز عنه الكثير . وفي قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك . أي : أن الله قسم الدنيا بين البر والفاجر، والآخرة خصوصا عند ربك للمتقين .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وأبو نعيم في "الحلية"، عن الحسن في قوله : كلا نمد هؤلاء الآية . قال : كلا نرزق في الدنيا، البر والفاجر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء يقول : نمد الكفار والمؤمنين، من عطاء ربك . يقول : من الرزق .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، [257ظ] عن ابن عباس في قوله : كلا [ ص: 285 ] نمد هؤلاء الآية . قال : يرزق من أراد الدنيا، ويرزق من أراد الآخرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد في قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء . قال : هؤلاء أهل الدنيا، وهؤلاء أهل الآخرة، وما كان عطاء ربك محظورا . قال : ممنوعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : محظورا . قال : ممنوعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله : انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض . أي : في الدنيا، وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا . وإن للمؤمنين في الجنة منازل، وإن لهم فضائل بأعمالهم، وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن بين أعلى أهل الجنة وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن الضحاك في قوله : وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا . قال : إن أهل الجنة بعضهم فوق بعض درجات، الأعلى يرى فضله على من هو أسفل منه، والأسفل لا يرى أن فوقه أحدا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، وأبو نعيم في "الحلية"، عن سلمان، عن [ ص: 286 ] النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا درجة فارتفع، إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول" . ثم قرأ : وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأحمد في "الزهد"، وهناد، وابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن ابن عمر قال : لا يصيب عبد من الدنيا شيئا إلا نقص من درجاته عند الله، وإن كان عليه كريما .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية