الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن احتلم من الغلمان أو أسلم من الكفار بعد أيام من شهر رمضان فإنهما يستقبلان الصوم ولا قضاء عليهما فيما مضى " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الكافر إذا أسلم في أيام من شهر رمضان ، فعليه صيام ما بقي لقوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه [ البقرة : 189 ] ولا قضاء عليه فيما مضى على قول جميع الفقهاء إلا الحسن وعطاء ، فإنهما قالا عليه القضاء فيما مضى والدلالة عليهما قوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف [ الأنفال : 38 ] وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الإسلام يجب ما قبله " .

                                                                                                                                            فإذا تقرر أنه يستأنف صيام ما بقي ، ولا قضاء عليه فيما مضى لم تخل حاله من أحد أمرين : إما أن يكون إسلامه ليلا أو نهارا ، فإن أسلم ليلا استأنف الصيام من الغد ، وإن أسلم نهارا فهل عليه قضاء يومه الذي أسلم فيه أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو مذهب الشافعي ، وقد نص عليه في " حرملة " " والبويطي " ليس عليه قضاء ؛ لأنه لا يقدر على صيام هذا اليوم مع إسلامه في بعضه فصار كمن أسلم ليلا .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : عليه قضاء يوم مكانه ؛ لأن إسلامه في بعض النهار ، يوجب عليه صيام ما بقي ، ولا يمكنه إفراد ذلك بالصوم لا بقضاء يوم كامل كما نقول هو في جزاء الصيد هو فيه مخير بين المثل من النعم ، وبين الإطعام وبين أن يصوم عن كل مد يوما ، فلو كان في الأمداد كسر لزمه أن يصوم مكانه يوما كاملا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية