الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب إفراد الحج

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فمنا من أهل بعمرة ومنا من أهل بحجة وعمرة ومنا من أهل بالحج وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فأما من أهل بعمرة فحل وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة فلم يحلوا حتى كان يوم النحر

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          11 - باب إفراد الحج

                                                                                                          هو الإهلال بالحج وحده في أشهره اتفاقا وفي غير أشهره عند مجيزه ، والاعتمار من أعمال الحج لمن شاء .

                                                                                                          746 738 - ( مالك عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن ) بن نوفل بن خويلد بن أسد بن عبد العزى الأسدي المدني ثقة علامة بالمغازي ، مات سنة بضع وثلاثين ومائة ، ( عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) زادت عمرة عنها ، لخمس بقين من ذي القعدة كما يأتي في الموطأ ، وفي الصحيحين عن القاسم عنها في شهر الحج ، وفيهما من وجه آخر عن عروة عنها موافين هلال ذي الحجة ، ( عام حجة الوداع ) سنة عشر من الهجرة سميت بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم ودع الناس فيها ، ولم يحج بعد الهجرة غيرها ، ( فمنا من أهل بعمرة ) فقط ، ( ومنا من أهل بحجة وعمرة ) جمع بينهما فكان قارنا ، ( ومنا من أهل بالحج وحده ) مفردا ، ولا يخالف هذا رواية عمرة الآتية عنها والأسود في الصحيحين عنها : " خرجنا مع رسول الله لا نرى إلا الحج " ، وللبخاري من وجه آخر عن أبي الأسود [ ص: 374 ] عن عروة عنها : " مهلين بالحج " ، ولمسلم عن القاسم عنها : " لا نذكر إلا الحج " ، وله أيضا : " ملبين بالحج " ، فظاهره أن عائشة مع غيرها من الصحابة كانوا محرمين بالحج أولا لأنه يحمل على أنها ذكرت ما كانوا يعهدونه من ترك الاعتمار في أشهر الحج فخرجوا لا يعرفون إلا الحج ، ثم بين لهم النبي صلى الله عليه وسلم وجوه الإحرام وجوز لهم الاعتمار في أشهر الحج ، وأما عائشة نفسها ففي الصحيح من رواية هشام وابن شهاب عن عروة عنها في هذا الحديث قالت : " وكنت ممن أهل بعمرة " ، فادعى إسماعيل القاضي وغيره أن هذا غلط من عروة وأن الصواب رواية الأسود والقاسم وعمرة عنها أنها أهلت بالحج مفردا ، وتعقب بأن قول عروة عنها أنها أهلت بعمرة صريح ، وقول الأسود وغيره عنها لا نرى إلا الحج ليس صريحا في إهلالها بحج مفرد ، فالجمع بينهما ما تقدم من غير تغليط عروة وهو أعلم الناس بحديثها وقد وافقه جابر الصحابي كما في مسلم ، وكذا رواه طاوس ومجاهد عن عائشة ، وجمع أيضا باحتمال أنها أهلت بالحج مفردا كما صنع غيرها من الصحابة ، وعلى هذا ينزل حديث الأسود ومن وافقه ، ثم أمر صلى الله عليه وسلم أن يفسخوا الحج إلى العمرة ففعلت عائشة ما صنعوا فصارت متمتعة ، وعلى هذا ينزل حديث عروة ثم لما دخلت مكة وهي حائض ، ولم تقدر على الطواف لأجل الحيض ، أمرها أن تحرم بالحج على ما في ذلك من الاختلاف .

                                                                                                          ( وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج ) على الصحيح الذي تظاهرت عليه الروايات ، ( فأما من أهل بعمرة فحل ) لما وصل مكة وأتى بأعمالها وهي الطواف والسعي والحلق أو التقصير ، وهذا مجمع عليه في حق من لم يسق معه هديا ، أما من أحرم بعمرة وساق معه الهدي فقال مالك والشافعي وجماعة هو كذلك ، وقال أبو حنيفة وأحمد وجماعة لا يحل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر .

                                                                                                          ( وأما من أهل بحج ) مفردا ( أو جمع الحج والعمرة ) قارنا ( فلم يحلوا ) بفتح الياء وضمها وكسر الحاء ، يقال : حل المحرم وأحل بمعنى واحد ، ( حتى كان يوم النحر ) فحلوا ، وهذا الحديث رواه البخاري وأبو داود عن القعنبي ، والبخاري أيضا عن إسماعيل وعبد الله بن يوسف ومسلم عن يحيى ، وأبو داود من طريق ابن وهب خمستهم عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية