الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين

                                                                                                                                                                                                قول معروف : رد جميل "ومغفرة": وعفو عن السائل إذا وجد منه ما يثقل على المسؤول، أو ونيل مغفرة من الله بسبب الرد الجميل، أو وعفو من جهة السائل؛ لأنه إذا رده ردا جميلا عذره خير من صدقة يتبعها أذى : وصح الإخبار عن المبتدأ النكرة؛ لاختصاصه بالصفة والله غني : لا حاجة به إلى منفق يمن ويؤذي "حليم": عن معاجلته بالعقوبة، وهذا سخط منه ووعيد له، ثم بالغ في ذلك بما أتبعه كالذي ينفق ماله : أي لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كإبطال المنافق الذي ينفق ماله رئاء الناس : لا يريد بإنفاقه رضاء الله ولا ثواب الآخرة، فمثله كمثل صفوان : مثله ونفقته - التي لا ينتفع بها البتة - بصفوان بحجر أملس عليه تراب، وقرأ سعيد بن المسيب : ( صفوان ) بوزن كروان فأصابه وابل : مطر عظيم القطر، فتركه صلدا : أجرد نقيا من التراب الذي كان عليه، ومنه: صلد جبين الأصلع إذا برق، لا يقدرون على شيء مما كسبوا كقوله: فجعلناه هباء منثورا [الفرقان: 23] ويجوز أن تكون الكاف في محل النصب على الحال، أي: لا تبطلوا صدقاتكم مماثلين الذي ينفق.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف قال: لا يقدرون بعد قوله: كالذي ينفق ؟ قلت: أراد بالذي ينفق الجنس أو الفريق الذي ينفق، ولأن "من" و"الذي": يتعاقبان، فكأنه قيل: كمن ينفق.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية